0
باستعادة السيطرة على حي "الميسّر" الحلبي من قبل الثوار، ربما يكون هو التقدّم الأول للثوار أمام قوات الأسد، منذ أن بدأت عملية قضم الأحياء الشرقية قبل نحو أسبوع، بعد حصار دام مدة 100 يوم، شهدت فيه حلب المحاصرة كافة أنواع القصف بالأسلحة المحرمة دولياً، وقطع عنها الغذاء والدواء، وقصفت جميع نقاطها الطبية.

الطبيعة الجغرافية لمناطق حلب المحاصرة، طبيعية متشابكة ومعقدة، ويصعب السيطرة عليها، وهذا ما يفسر هدوء الجبهات الداخلية (النظيرة لجبهات النظام داخل المدينة) لحلب على مدار 5 سنوات لم يحاول فيها الطرفان التقدم ولو بضعة أمتار، وذلك أن كلا الطرفين يعرفان عواقب التوغل والاقتحام.

استقرت الحدود الفاصلة بين المنطقتين في حلب، على شكل معين منذ نهاية العام 2012، بعد معركة الفرقان التي دخلها لواء التوحيد بقيادة عبد القادر الصالح، وحررت الأجزاء المعروفة من حلب المحررة، ولم تطرأ على تلك الخريطة إلا بضع تغيرات طفيفة، منها ثكنة هنانو التي سيطر عليها الثوار لمدة يومين فقط ثم استعادها النظام، وحي الإذاعة الاستراتيجي الواقع على تلة مرتفعة، حيث استطاع النظام استعادتها آنذاك بعد فترة، وبقيت المناطق الأخرى على حالها، وبقي الخط المرسوم بين الطرفين واحداً هادئاً لم يتغير على مدار سنوات أربع.


الاقتحام والقضم..
بدأت قوات الأسد عمليتها للسيطرة على الأحياء الشرقية قبل نحو أسبوع وتحديداً في يوم الأربعاء 30 من تشرين الأول، وذلك بعد أشهر من الحصار والتجويع، لتبدأ من حي مساكن هنانو الواقع في الجزء الشرقي الشمالي من مدينة حلب (ككل)، وسيطرت عليه خلال يومين فقط.

وتعزو مصادر عسكرية في حلب لـ أورينت نت سهولة السيطرة على الحي، أنه من الأحياء التي تعرضت لقصف عنيف على مدار السنوات السابقة، وبات شبه فارغ من السكان، كما أن عامل المفاجأة لعب دوره أيضاً للثوار الذين لم يمتصوا الصدمة إلا بعد يومين أو ثلاثة.

عقب ذلك توغلت قوات النظام وسيطرت على حي "جبل بدرو، واقتربت من حي الصاخور، المواجه بطبيعة الحال لحي "سليمان الحلبي" المسيطر عليه من قبل النظام على الجهة الغربية، وبالسيطرة على الصاخور، قسمت قوات الأسد المناطق المحررة إلى جزئين (شمالي وجنوبي) الأصغر فيهما كان في الشمال، وضم الحيدرية، وبستان الباشا، والشيخ فارس، والهلّك.

وسرعان ما انسحب الثوار من تلك المناطق -الضعيفة بطبيعة الحال-، وذلك بعد دخول قوات الـ YPG ومشاركتها النظام بقتال الثوار، من طرف حي الشيخ مقصود، فسقطت تلك الكتلة الشمالية برمّتها خلال يومين، بما فيها حي الصاخور.

شكّل الانسحاب ونزوح المدنيين عبئاً جديداً على الأحياء الجنوبية، كونها استقبلت ساكني تلك الأحياء الساقطة بيد النظام، وأحدث ذلك كارثة إنسانية لانعدام توفر المساكن لهؤلاء، فضلاً عن الوضع المأساوي أصلاً لمجمل المدينة.

تابعت قوات النظام التقدم، وسيطرت على حي "الميسّر، والقاطرجي، وقاضي عسكر، كما سيطرت على كتلة مباني المشافي التي التي تضم مشفى العيون، ومشفى الأطفال، تاركة حي الشعار الذي أبدى مقاومة شديدة بيد الثوار، وكاد ذلك الحي أن يقع في جيب مشابه للذي حدث في المناطق الشمالية.

الانتفاض..
في صبية اليوم الإثنين، شن الثوار أول عملية هجوم على قوات الأسد والميلشيات المساندة لها، ونفذت عملية استشهادية، أسفرت عن تحرير مشافي العيون والأطفال، واستعادة السيطرة على حي "الميسّر والقاطرجي" وأجزاء من "قاضي عسكر" ليدخل الصراع مرحلة جديدة قد تكون مرحلة استنزاف طويلة لن يخرج منها النظام بسهولة بحسب مراقبين.

نفذت كتائب الثوار عدة عمليات، واستطاعت السيطرة على أحياء "كرم الطحان" و"دوار الحاووظ" فضلاً عن تدمير عدة عربات وناقلات جند للنظام.

الاستنزاف..
نحو 25 ألف متر مربع هو تقريباً حجم المناطق المتبقية بيد الثوار حتى الآن، وهي مساحة ضخمة، وتضم عشرات الأحياء، والتي يتطلب اقتحامها من قبل النظام حرب استنزاف طويلة قد تمتد لسنوات حسب مصادر عسكرية.

وتضم تلك المناطق أحياء "باب النيرب، المرجة، الصالحين، المعادي، الكلاسة، الفردوس، كرم الدعدع، السكري، باب المقام، الميسر، القاطرجي، الشعار، قارلق، القطانة، قاضي عسكر، باب الحديد، جب القبة، أغيور، بستان القصر، العامرية، صلاح الدين، الزبدية، المشهد، الأنصاري الشرقي".

وتتميز تلك الأحياء وغيرها أيضاًـ بطبيعة جغرافية معقدة، تتداخل فيها البيوت والأبنية، وتتشابك الطرق بشكل غير مستقيم، ما يجعل الطريق وعرة أمام قوات الأسد.

وتقول مصادر ميدانية إن وجود الثوار لمدة 5 سنوات في تلك المناطق، أمر يدفع للاعتقاد بأنهم الأخبر، والأعلم بطبيعة تلك الأرض، وما تم تجهيزه عبر تلك السنوات، قد يكون عائقاً حقيقياً أمام قوات النظام التي ستدخل حرب استنزاف لا خروج منها.
المصدر اورينت نت

إرسال تعليق

ياكريم نيوز | هو مواقع اخباري يهتم بالشان العربي والعالمي ينقل لكم الخبر كما هو
من مواقع اخر فتقع المسئولية الخبار علي المصدر

 
Top