0
تساءل توماس فريدمان - المعلق الأمريكي في صحيفة "نيويورك تايمز" - عن الميداليات التي يحملها عبد الفتاح السيسي على صدره، مع أن عمره لا يشير إلى أنه قاتل في معارك مصر الكبرى، ولماذا يجب أن نتعامل مع ذلك بقلق؟
وفي مقالته التي جاءت بعنوان "واحد، خمسة آلاف، وخمسمائة ألف"، قال فريدمان: "إن كنتَ مشوشًا حول الاضطرابات التي يشهدها العالم العربي، وتتساءل عن الطريقة التي كان على الولايات المتحدة أن ترد عليها، فأجد من المناسب طرح ثلاثة أسئلة:
الأول: لماذا حدث التقدم في البلد الذي لم يكن للولايات المتحدة فيه سوى دور صغير، هي تونس، حيث تحقق له التقدم نحو بناء ديمقراطية توافقية؟
الثاني: لماذا يجب أن تضع في ذهنك هذه الأرقام، واحد وخمسة آلاف وخمسمائة ألف، عندما تفكر في العالم العربي؟
الثالث: لماذا يحمل الجنرال عبدالفتاح السيسي على صدره شارات عسكرية، مع أنه كان صغيرًا كي يقاتل في حروب مصر الكبرى، ولماذا علينا القلق؟".
و"إذا بدأنا في تونس التي أقر فيها المجلس التأسيسي دستورًا وصفته الصحيفة (نيويورك تايمز) بأنه صيغ بطريقة حذرة، وجمع بين أفكار نالت دعم النهضة (الحزب الإسلامي)، وبين المعارضة العلمانية، وهو بالتأكيد من أكثر الدساتير ليبرالية في العالم العربي، وقد خاضت تونس ثلاثة أعوام من الكفاح حتى تنهي كتابته. ولا ينفي كل ذلك أن تنفجر الأمور في أي وقت.. لكنه يظل إنجازًا حققته تونس بنفسها.. فما هو السر؟"، يتساءل فريدمان.
يجيب الكاتب فيقول: "الجواب: هو توصل القوتين الرئيستين في تونس، وهما الإسلاميون والعلمانيون، إلى حقيقة ضرورية لنجاح حركة الديمقراطية العربية: "لا غالب ولا مغلوب". وسواء كنت تتحدث عن الشيعة والسنّة أو العلويين والأكراد، أو القبائل والإسلاميين والجنرالات العلمانيين في هذه الدول العربية المتعددة.. "فإنه حتى توافق كل الأحزاب الرئيسة على مبدأ التشارك في السلطة وتداولها، لا يفسح المجال لهذه الصحوات أن تحقق انتقالًا واستقرارًا من الدكتاتورية إلى السياسة التوافقية".
ويضيف: "إن لتونس تميزًا آخر، كما يقول كريغ كارني، المتخصص في مجال استطلاعات الرأي في جنوب إفريقيا والشرق الأوسط، وهو أن في تونس "مؤسسات مجتمع مدني قوية، مثل الاتحاد العام التونسي للشغل، والفدرالية الوطنية للتجارة، ونقابة المحامين التونسيين، والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان. فقد كان باستطاعة هذه المؤسسات كما يقول كارني "لعب دور الوسيط بين الجماعات السياسية". وعلى خلاف مصر، فإنه لا يوجد في تونس جيش مسيس له جذور ضاربة في اقتصاد البلاد، ما يحفزه على التدخل في اللعبة السياسية. فسوريا وليبيا والعراق لا يوجد فيها على الإطلاق مؤسسات مجتمع مدني حقيقية. وهذا يقود للأرقام أو السؤال الثاني".
ويستطرد قائلاً: "عندما يوجد بلد أو شعب مستعد للعيش معًا فأنت بحاجة لنلسون مانديلا، قائد موحد، يقوم بدفع النظام السياسي للعمل بشكل مثمر. وعندما لا يوجد لدى الشعب الاستعداد للعيش معًا ويريدون العيش منقسمين، كما في البوسنة ولبنان بعد سنوات من الحروب الأهلية، فأنت بحاجة إلى خمسة آلاف جندي من قوات حفظ السلام لمراقبة خطوط التقسيم الفعلية. ولكن عندما لا يكون الشعب مستعدًّا للعيش كليًّا أو جزئيًّا بسبب غياب الثقة أو عدم الإجهاد، أو بسبب اعتقاد حزب أو أحزاب أخرى أنه يمكنها الحصول على كل شيء، فعندها تحتاج إلى 500 ألف جندي من قوات حفظ السلام كي تحضر وتتخلص من الدكتاتور أو كي تقتلع العناصر المتطرفة في كل طرف، وتقوم بحماية المركز لمدة طويلة، في الوقت الذي تعمل فيه على تشكيل مواطنة جديدة ونظام أحزاب قادرة على التشارك في السلطة، وعندها يكون الفشل هو الخيار الحقيقي".
باختصار، يقول فريدمان: "ما يعاني منه العالم العربي شيء لا يمكننا وحدنا وصف العلاج له: وهي عدم القدرة على إدارة الشراكة في السلطة بطريقة ديمقراطية، ويمكننا وقف الجانب السيئ منه طالما وجدنا هناك، ولكنهم هم وحدهم من يستفيدون منه ويواصلون الطريق".
ويشير إلى أن "بشار الأسد هو وحش، ولا يمكن التخلص منه بطريقة لا تؤدي إلى فوضى جديدة إلا في حال أظهرت المعارضة على الأرض أنها لا تؤمن فقط بالتعددية السياسية، بل لديها الإرادة والقدرة على فرضها، وإلا بقيت الأقليات حول الأسد ولن تتخلى عنه".
ويضيف أن كل واحد يحث الرئيس باراك أوباما على التدخل في سوريا يجب أن يضع هذا الأمر في ذهنه.
بالنسبة لمصر قال الكاتب: "ليس لدي تعاطف مع قادة الإخوان المسلمين، وكنت أتمنى لو تم إخراجهم من السلطة عبر صناديق الاقتراع، ولكنني أتفهم لماذا يرغب الكثير من المصريين بعودة الجيش للتخلص منهم. ولكن وعندما قرر الجيش اعتقال قادة الشباب من دعاة السلمية والمجتمع المدني والمخلصين مثل أحمد ماهر لأنهم احتجوا، وعندما قام الجيش بشطب الإخوان من الحياة السياسية، وحتى منع الإخوان من اللعب ضمن القوانين المتشددة، فإننا نشعر وكأنها عودة للنموذج القديم من الاعتماد على الرجل العسكري القوي، وتحقيق الاستقرار عبر القمع وليس ضم الجميع".
ويقول: "آمل أن أكون مخطئًا، لكن موسوعة ويكيبيديا لديها قائمة بميداليات الجنرال السيسي، وتضم أشياء مثل ميدالية اليوبيل الفضي لحرب أكتوبر 1973 وميدالية الحرب وميدالية اليوبيل الذهبي لثورة 23 يوليو 1952. وهذه الميداليات تقع ضمن معيار الظهور بمظهر الكرامة، ولكن في المكان الخطأ، أي الاحتفال بماضي مصر وليس الفوز بمستقبلها. وعندما يعلن الجنرال السيسي أنه يبحث عن ميداليات لأنه قام بهزيمة أعداء مصر الحقيقيين مثل الأمية بين الإناث أو لأنه قام ببناء مدارس ثانوية للعلوم والتكنولوجيا، أو لأنه قام ببناء نظام سياسي مفتوح للجميع فسأصبح واحدًا من أتباعه. وفي اليوم الذي يبدأ فيه بوضع الميداليات على المصريين لقيادتهم أو لنفس الأسباب، عندها ستكون مصر دولة قوية ولا تحتاج رجلًا قويًّا".

إرسال تعليق

ياكريم نيوز | هو مواقع اخباري يهتم بالشان العربي والعالمي ينقل لكم الخبر كما هو
من مواقع اخر فتقع المسئولية الخبار علي المصدر

 
Top