قامت الحكومة البريطانية يوم الخميس بنشر مراجعة في أمر جماعة
الإخوان المسلمين، والتي أشارت فيها إلى أن الانتماء لهذه الجماعة أو
الارتباط بها يعتبر مؤشرًا محتملًا على التطرف، لكن المراجعة أوضحت أيضًا
أن على الحكومة البريطانية ألا تحظر جماعة الإخوان.
ومن أهم ما أظهرته المراجعة قول ديفيد كاميرون في بيان مصاحب
للتقرير بأن هناك قطاعات من الإخوان المسلمين لها علاقة مبهمة إبهامًا
شديدًا مع التطرف المشوب بالعنف. أصبحت الجماعة كفكر وكشبكة نقطة عبور لبعض
الأفراد والجماعات ممن انخرطوا في العنف والإرهاب. ووصف الكاميرون الجماعة
بأنها جماعة “مبهمة عن عمد” وأنها “متكتمة بحكم العادة”.
وطبقًا لما نقلته وكالة أنباء رويترز، فقد أوضح كاميرون أن جماعات
مرتبطة بالإخوان المسلمين أو متأثرة بها قامت بتصنيف بريطانيا أحيانا
بأنها “معادية للدين والهوية الإسلامية”، هذا بالإضافة إلى أن جماعة
الإخوان المسلمين عبرت عن تأييدها لهجمات تنفذها حركة المقاومة الإسلامية
(حماس).
واستنتج كاميرون بالتالي أن “جوانب من فكر الإخوان المسلمين
وأنشطتها يتعارض مع قيم بريطانية كالديمقراطية وسيادة القانون وحرية الفرد
والمساواة والاحترام المتبادل والتسامح مع الأديان والمعتقدات المختلفة”،
مؤكدًا أن الحكومة البريطانية ستراقب آراء أفراد الجماعة وأنشطتهم في
بريطانيا وستحدد في وقت لاحق ما إذا كانت تندرج تحت توصيف “المنظمات
الإرهابية”.
وأكد كاميرون أيضًا في نهاية تقريره أن بريطانيا لن تمنح تأشيرات لأي من أعضاء الجماعة الذين أدلوا بتصريحات وصفها بالمتطرفة.
كلمة السر: محمد بن زايد آل نهيان
في تقرير لموقع ميدل إيست آي، جاء فيه أن ولي العهد الإماراتي
محمد بن زايد آل نهيان كان هو العامل الرئيسي وراء خروج هذا هذا التقرير
المتعلق بجماعة الإخوان المسلمين، لكن مع هذا فإن نتائج التقرير أقل بكثير
مما كانت تتوقعه الإمارات حيث لم يصنف التقرير جماعة الإخوان المسلمين على
أنها جماعة محظورة.
ويقول الموقع أن محمد بن زايد هو الرجل الأقوى في الإمارات،
وسياساته هي التي تدير العلاقات الإماراتية البريطانية في السنوات الخمسة
الأخيرة.
وتشير صحيفة الغارديان البريطانية في تقرير نشرته الشهر الماضي
إلى قيام ولي العهد الإماراتي بخطط للطلب من رئيس الوزراء البريطاني بأفعال
مضادة لجماعة الإخوان المسلمين في مقابل صفقات تجارية وعسكرية. فقد قام
ولي العهد بالتهديد بوقف صفقات أسلحة قيمتها مليارات الدولارات مع المملكة
المتحدة، ووقف الاستثمارات الإماراتية داخل بريطانيا، ووقف التعاون
الاستخباراتي بين البلدين، إذا لم لم يتخذ رئيس الوزراء كاميرون إجراءات
فعالة ضد الإخوان.
وكانت أولى المطالب التي رفعها محمد بن راشد إلى ديفيد كاميرون
بخصوص جماعة الإخوان المسلمين عام 2012 بعدما وصل عضو الجماعة محمد مرسي
إلى منصب الرئاسة في مصر. فقد طالب بن راشد بكبح جماح تغطية قنوات بي بي سي
للأحداث في مصر، وذلك مقابل عرض لتنفيذ عقود تتعلق بأسلحة وعقود نفط مربحة
للشركات البريطانية والتي من المتوقع أن تدر على بريطانيا مليارات
الدولارات.
ثاني المراسلات الإماراتية البريطانية بخصوص جماعة الإخوان كانت
عام 2014، عندما تم تحذير السفير البريطاني في الإمارات من قبل خلدون
المبارك (الذراع اليمنى لمحمد بن راشد) من أن الإمارات قامت برفع الراية
الحمراء نتيجة عدم اكتراث الحكومة البريطانية بكبح جماح جماعة الإخوان.
أيضًا قدمت كل من الإمارات والسعودية ومصر شكوى لبريطانيا من أنها أصبحت قاعدة قوية لأعضاء جماعة الإخوان المسلمين.
القصة من البداية
في شهر أبريل 2014، أصدر رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون
توجيهاته بالبدء في عملية مراجعة تهدف لتحديد ما إذا كانت جماعة الإخوان
المسلمين تشكل خطرًا على الأمن القومي لبريطانيا.
صحيفة الغارديان البريطانية أشارت في ذلك الوقت إلى أنه سيتم
التحقيق من قبل المكتب الخامس (المخابرات الداخلية) والمكتب السادس
(المخابرات الخارجية) في مزاعم تتعلق بارتباط الإخوان بمقتل 3 سياح في
تفجير بحافلة قرب الحدود المصرية مع إسرائيل في شهر فبراير 2014.
الصحيفة أشارت أيضًا إلى أن هذه التحقيقات تأتي وسط ضغوط على
الحكومة البريطانية لتحذو حذو كل من مصر والسعودية اللتان قامتا بحظر نشاط
الجماعة. وقالت الصحيفة أن “جين جينكينز”، السفير البريطاني في السعودية،
سيكون هو المسؤول عن كتابة تقرير يتعلق بفلسفة جماعة الإخوان المسلمين،
وطبيعة القيم المبنية عليها، وصلتها بالإرهاب المزعوم. هذا بالإضافة أيضًا
إلى تقرير سيرفعه رئيس المكتب السادس والذي كان قد شغل منصب السفير
البريطاني في مصر بين عامي 2001-2003.
وقد تم تأجيل صدور هذا القرار أكثر من 5 مرات خلال الشهور
الماضية، وسط تكهنات بتردد بريطاني في اتهام جماعة الإخوان بالإرهاب، بين
ما وصفه البعض بأنه تأكد من الحكومة البريطانية بأن الإخوان هم أبعد ما
يكون عن الإرهاب، وبين ضغوطات اقتصادية تمارسها دول خليجية.
أهمية بريطانيا
وأشار الكاتب البريطاني ديفيد هيرست إلى أن قرار رئيس الوزراء
البريطاني ببدء التحقيق حول جماعة الإخوان كان نتيجة لضغوطات مستمرة عليها
من بعض الدول الخليجية بهدف إغلاق لندن في وجه المعارضين لنظام الحكم في
مصر بعد الانقلاب العسكري في يوليو 2013، والذي اتهم هيرست هذه الدول
بتمويله ودعمه.
وعلى الرغم من أن غالبية أعضاء جماعة الإخوان الذين هربوا من مصر
قد توجهوا إلى قطر أو تركيا، لكن أهمية بريطانيا تكمن في نظامها القضائي،
الذي يتم التجهيز عبره لخوض معركة قانونية يتم خلالها تحدي قرار الحكومة
البريطانية فيما يتعلق بمد الحصانة ضد المقاضاة لأعضاء الحكومات الصغار أو
العسكريين المتهمين بجرائم حرب.
هذه القضية إذا ما نجح رافعوها في الفوز بها فإن الحكم الخاص بها
سيتم تطبيقه على الوزراء والجنرالات السابقين الإسرائيليين، بالإضافة إلى
أعضاء الحكومة المصرية والقضاة والعسكريين المصريين الذين سيصبحون في مرمى
نيران التوقيف بتهم تتعلق بجرائم الحرب.
أضف إلى هذا معركة قضائية أخرى تتعلق بالترافع أمام المحكمة
الجنائية الدولية نيابةً عن الرئيس السابق محمد مرسي، كما أن بريطانيا
أصبحت الدولة المفضلة لعدد من وسائل الإعلام الناطقة باللغة العربية.
وتشير التقديرات أن دولا خليجية على رأسها الإمارات العربية
المتحدة هي التي تقود هذه الضغوط على الحكومة، فهما يضغطان من ناحية أن
بريطانيا هي المزود الرئيسي للسلاح لهما وبالتالي تستخدمان هذه الورقة
للتلويح في وجه بريطانيا بتوقيف تجارة واستيراد السلاح من بريطانيا.
وقد ظهرت هذه الضغوط في محاولة سابقة للإمارات، وتحديدًا أواخر
عام 2013، لحث بريطانيا على إغلاق قناة الحوار الفضائية بعدما ظهرت عليها
عدة برامج تتعاطف مع الإسلاميين بعد الانقلاب العسكري في مصر. لكن تم إخبار
الإمارات في ذلك الوقت أن السياسيين لا يحق لهم قانونًا إغلاق القنوات
الفضائية أو منعها من البث. رد الإماراتيين جاء عبر التهديد بشكل عام
بالتراجع عن بعض الصفقات التجارية التي كانوا بصدد إتمامها مع بريطانيا. في
شهر ديسممبر 2013، فقدت بالفعل الشركة البريطانية للصناعات الجوية
والفضائية صفقة لتزويد الإمارات بمقاتلات تايفون قدرت قيمتها بين 6-10
مليار دولار.
الضغوط الدبلوماسية أدت لتفجير أزمة داخل الحكومة البريطانية بين
طرفين. فوزارة المالية أخذت تلح على رئيس الوزراء الاهتمام بالصفقات
التجارية مع السعودية وعدم خسارتها. بينما حذر بعض الوزراء من مغبة تصنيف
جماعة كبيرة جدًا وغير عنيفة في سياساتها كمنظمة إرهابية، لأن هذا الأمر
سيؤدي ببعض أفراد الجماعة إلى الكفر بالمسار الديموقراطي، وأن التغيير لا
يأتي إلا عبر الانضمام للجماعات المسلحة.
رد الإخوان
ومباشرةً بعد نشر التقرير، خرج محامي جماعة الإخوان المسلمين طيب
علي، ليصرح بأن “أي انتقاد لا مبرر له للجماعة سيتم الرد عليه في أروقة
المحاكم”، وأضاف “نحن في انتظار نشر التقرير، وسنقوم بالرد عليه عبر اتخاذ
كافة الإجراءات القانونية”.
وأشار المحامي إلى وجود تأثيرات خارجية من قوى مناهضة
للديموقراطية في الشرق الأوسط أدت لنشر هذا التقرير. ووجود أي انتقادات في
غير محلها قد يؤدي إلى “تدمير سمعة أكبر جماعة منادية بالديموقراطية في
الشرق الأوسط”، على حد تعبيره.
وقال المتحدث باسم جماعة الإخوان المسلمين في مصر، محمد منتصر، إن
اتهام بريطانيا للجماعة بالتطرف هو أمر غير مقبول ويمثل “رغبة سياسية
مبيتة ضد الجماعة”. وأكد منتصر على الضغوطات الخارجية التي تسببت في نشر
الحكومة البريطانية لهذا التقرير قائلًا “موقف بريطانيا من الإخوان يفهم في
إطار حملات التحريض التي تقودها دول وأنظمة تدعم الانقلاب العسكري المجرم
في مصر وعلاقة تلك الأنظمة بلندن وهو الأمر الذي يسيء إلى لندن وليس
الإخوان”.
زيادة الانقسام الإخواني
وجاء هذا التقرير من الحكومة البريطانية في وقت تتعرض فيه جماعة
الإخوان المسلمين لمشاكل داخلية كبيرة بين جناحين. فقد ظهرت في الفترة
الماضية ما يشبه الإدارتين المختلفتين للجماعة بين الأمين العام محمود حسين
ورموز القيادات التاريخية للجماعة وبين التيار الرافض لهيمنة هذه القيادات
على الجماعة، وفقا لوصفه.
اعرف تفاصيل المشاكل عبر هذا التقرير.
القيادي المنشق عن جماعة الإخوان، ثروت الخرباوي، أشار في تصريح
له بأن النتيجة التي خرج بها التقرير البريطاني يوم الخميس يعني أن
“المخابرات البريطانية فقدت الأمل في جماعة الإخوان”، ورغم أن هذه
التصريحات خرجت في إطار نجاح الدولة المصرية في مواجهة الإخوان واعتبارها
هي الجماعة الأم لكل جماعات العنف، لكن وبعيدًا عن الغرض من حديث الخرباوي،
فإن كلمة “المخابرات البريطانية” تلاقت في عدة مواضع سواء بشأن التقرير أو
بشأن الخلافات داخل الجماعة مؤخرا. حيث يميل البعض إلى ترجيح أن
الاستخبارات البريطانية ربما تكون قد مارست ضغوطا ضد بعض قيادات الإخوان
للقيام بتهدئة الأمور في مصر مع الحكومة ونظام الرئيس المصري عبد الفتاح
السيسي في مقابل عدم التضييق عليها في بريطانيا.
وعلى الرغم من عدم وجود دليل واحد يثبت بشكل قطعي هذه الفرضية،
إلا أن البعض يربط بوضوح بين ظهور الأمين العام للجماعة محمود حسين على
قناة الجزيرة يوم 13 ديسمبر ثم القرارات المثيرة بالجدل التي اتخذها بإقالة
المتحدث الإعلامي باسم الإخوان محمد منتصر وتجميد عضويته هو وعدد من
قيادات الجماعة الشباب، وفي النهاية خروج التقرير البريطاني. ويبدو من
المثير للانتباه أن التصريحين اللذين صدرا عن المتحدث (المُقال) محمد منتصر
والمتحدث (المُعين) من قبل القيادات التاريخية طلعت فهمي قد جاءا مختلفين
إلى حد كبير، ففي حين غلب على تصريحات منتصر نبرة الهجوم على الحكومة
البريطانية، فإن فهمي قد دعا إلى توخي الدقة بشأن الحديث عن التقرير الذي
لم يصنف الإخوان كجماعة إرهابية على حد قوله.
إرسال تعليق
ياكريم نيوز | هو مواقع اخباري يهتم بالشان العربي والعالمي ينقل لكم الخبر كما هو
من مواقع اخر فتقع المسئولية الخبار علي المصدر