أشارت صحيفة فرنسية إلى أن رئيس النظام السوري بشار الأسد يقوم بتوظيف
واستخدام ورقة محاربة الإسلام لاستعطاف الغرب واستمالته في الوقت الذي تعيش
فيه الدول الغربية رعب "الإسلاموفوبيا".
وأوضحت الصحيفة إلى أنه بعد
مرور أكثر من أربعة أعوام من اندلاع الحرب في سوريا، يستمر تدمير الدولة
السورية على نطاق واسع، فيما يمثل نظام بشار الأسد طرفاُ أساسياً اليوم في
عملية الانتقال السياسي في سوريا بسبب تبنيه خطاب حول العلمانية "رمز"
الوحدة الوطنية التي يستغلها النظام من أجل التلاعب بالغرب.
وأضافت الصحيفة أن نظام بشار
الأسد الذي يكتسب شرعيته بصورة رسمية من حزب البعث الذي يعد الحزب الرئيسي
للأوساط الريفية وبعض الأقليات من بينها العلويون، يريد أن يصدر للرأي
العام الغربي مشهد المدافع عن العلمانية حيث يتعمد في كل لقاءاته مع وسائل
الإعلام الغربية التأكيد على أن نظامه هو المعقل الأخير للعلمانية مع
التذكير بما حدث في العراق من سقوط حزب البعث في العراق عام 2003، وما نتج
عنه من تعرض الأقليات المسيحية للخطر وكذلك حدوث حالة من عدم الاستقرار في
المنطقة وانتشار الإرهاب.
وأشارت الصحيفة إلي أن الكثير
من المراقبين الذين يتفقون على أن نظام بشار الأسد يلعب بورقة العلمانية،
بدأوا يتساءلون كيف نجح هذا الديكتاتور في إعطاء هذه الصورة على الرغم من
مسئوليته الكاملة عن هذه الكارثة الإنسانية التي تعيشها سوريا؟
وأكدت على أن تحليل سياسة نظام
عائلة الأسد تجاه الأقليات خاصة المسيحيين قد يسمح بتسليط الضوء على بعض
النقاط لتوضيح هذا الواقع. وقد تأسس مفهوم" القومية" على العلاقة التاريخية
بين الإسلام والعروبة والذي قام من خلاله باصطناع رؤيته حول العلمانية
التي كان يهدف من خلالها إلي محاربة التعصب الطائفي والقبلي والمتطرف
والإقليمي في مجتمع يتسم بالتنوع الطائفي منذ فترة طويلة.
كما أن مؤسسي حزب البعث في
سوريا كانوا يعتبرون أن النظام الطائفي أو العرقي يمثل عامل ضعف للأمة
العربية وعائقاً أمام تحقيق أي وحدة وطنية قوية.
ولكنه منذ مجيء حافظ الأسد على
رأس السلطة في عام 1970، تغيرت سياسة حزب البعث وقام بتبني مشروع سلطوي
شديد هدفه الأول البقاء في السلطة.
وبالتأكيد، نجح النظام السوري
خلال أكثر من أربعين عاماً في الحفاظ على نظام إداري وسياسي غير طائفي، كما
أنه تناول خطابا موحدا استطاع من خلاله تجاوز كل الخلافات الطائفية على
عكس لبنان، وظل بعيداً عن أي مواجهات طائفية مما سمح له بالظهور كضامن
للوحدة والتنوع الطائفي في البلاد مع تمجيد صورة العلمانية. لكن هذه
العلمانية لم تكن نتيجة انعكاس لتدعيم النظام السوري لمفهوم المواطنة أو
القيام بإجراء حوار عام بين الدولة والمجتمع المدني.
وأضافت الصحيفة أن هذه السياسة
قد أثبتت فشلها مع الوقت لأنها ظلت رهنية الإجراءات البرجماتية والممارسات
السلطوية التي اتبعها نظام بشار الأسد، إذ إنه كان يسعى إلي إخفاء
الخلافات أو إظهارها وفقاً لأهداف محددة.
وأكدت الصحيفة على أن آل الأسد
الذين ينحدرون من الأقلية العلوية في بلد لم يشهد حكم أي رئيس سني، وجدوا
في الخلافات القبلية والطائفية والعرقية في المجتمع السوري أداة للتلاعب من
أجل تعزيز تواجدهم كنظام، الأمر الذي تطلب منه إحاطة نفسه بمجموعة من رجال
الدين والعلمانيين على حد سواء من أجل إعطاء صورة طيبة للنظام كموحد
للجميع. وكذلك الإبقاء على وجود تمثيل ثابت ومتواصل للأقلية العلوية داخل
الحكومة والجيش وحزب البعث.
وأشارت إلي أن بشار الأسد،
الذي يحاول دوماً إظهار المحتجين والسلميين وكل عناصر المجتمع الرافضة له
على أنهم ليسوا سوى جماعات مسلحة وإسلاميين سلفيين، يعمل على استغلال
الأقليات المسيحية، ناهيك عن احتوائها وإبعادها عن الاحتجاجات من أجل تقليل
حدة المظاهرات وقصرها فقط على مجموعة مسلمة سنية والدليل على إظهار
المسيحيين كحلفاء للنظام هو القيام بتعيين الجنرال دواد راجيا وزيراً
للدفاع في الثامن من أغسطس عام 2011 حيث أنه يعد أول مسيحي يشغل هذا المنصب
منذ وصول حزب البعث في سوريا للحكم.
كما أنه لجأ إلي توجيه نداءات
إلي الميليشيات الشيعية فى العراق ولبنان وإيران منذ بدء الاحتجاجات ووضع
الصراع في إطار" الطائفية"، كما أنه دمر مساجد السنة وأقام تحالف بين
العلويين والشيعة وأطلق سراح العيد من المتطرفين. وتهدف هذه الخطوة لتسليط
الضوء على رديكالية الحركات الاحتجاجية، من منطلق أن هذا يضع نفسه في صورة
الشخص الوحيد القادر بالرغم من كل شىء على حماية المسيحيين في الشرق و في
العالم كله.
واختتمت الصحيفة تقريرها
بالقول "أن نظام "آل الأسد" يرى في العلمانية وسيلة أكثر منها هدف أو غاية
من أجل تدعيم شرعيته وإحكام سيطرته على السلطة".
المصدر المفكرة الاسلامية
إرسال تعليق
ياكريم نيوز | هو مواقع اخباري يهتم بالشان العربي والعالمي ينقل لكم الخبر كما هو
من مواقع اخر فتقع المسئولية الخبار علي المصدر