0

لست واثقة فيما إذا سبق لنا أن عايشنا خلال فترة مابعد الحرب العالمية الثانية مرحلة ما، فقدت فيها عبارة " مدعوم من قبل الولايات المتحدة الأمريكية " معناها لهذه الدرجة التي نعايشها الآن.

في سوريا، لا تستطيع الولايات المتحدة أن تقف إلى جانب أي مجموعة يفترض أنها "مدعومة أمريكياً " ماعدا "وحدات الحماية الشعبية " أو مايعرف ب"البيدا " الذي لا يمكن بحال من الأحوال إخفاء أو منع شراكته الاستراتيجية مع روسيا. والحال هاهنا أن الولايات المتحدة ليس في مقدورها أن تقوم بتدريب وتسليح هذه الجماعات وليس بوسعها أيضاً أن تمنع حدوث المجازر التي تتسبب بها الغارات الروسية.

قبل يومين تمكنت روسيا من خلال غاراتها المكثفة وحمايتها للهجوم البري الذي يشنه النظام مع حلفائه من الميلشيات الشيعية من قطع طرق الإتصال والإمداد بين مجموعات المعارضة ومدينة إعزاز على الحدود التركية مما جعل الوضع الميداني في غاية التعقيد بشكل واضح.

في مواجهة هذا الموقف المستجد الذي يشكل أبرز تغير ميداني على الأرض منذ بدء التدخل الروسي قبل أربعة أشهر صرح الناطق الرسمي باسم البنتاغون الكولونيل ستيف وارين أن " بعد وصول الروس إلى هذه المرحلة فقد غدا واضحاً أن عملياتهم الهجومية تصب في مصلحة دعم نظام الأسد " هل يعقل أن الأمريكيين قد أدركوا ذلك أخيراً!

من المعروف أن محادثات جنيف قد وصلت إلى طريق مسدود بسبب الدعم الروسي لنظام الأسد وبات جلياً أن هذه المحادثات لن تسفر عن أية نتائج إيجابية مالم يتم إيقاف تمدد النظام في مناطق الثوار. بكلام آخر لقد صار واضحاً مرة أخرى أن الحل الديبلوماسي غير قابل للتحقق، إلا عبر إنجاز حل عسكري على الأرض.

في هذه الأثناء، لا تجد تركيا، البلد العضو في حلف الناتو، أي حليفِ حقيقي يقف إلى جانبها بعد أن تركت وحيدة بالرغم من مواجهتها لإستحقاقات أمنية تجلت عبر تهديدات وعمليات تفجير قام بها ودبر لها كل من حزب الـ"بي كي كي" المدعوم من قبل روسيا.

بالرغم من هذا الوضع الميداني والسياسي في جنيف حيث  قدمت روسيا نفسها كداعم أساسي لنظام الأسد فإن المملكة العربية السعودية جنباً إلى جنب مع تركيا قدمتا دعماً مهماً للمعارضة السورية حيث قال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو أنه يحق للمعارضة أن تنسحب من الاجتماعات بإعتبار أن مطالبها الانسانية المحقة لم يتم تلبيتها. وعلى مستوى أرفع فإن السيد رئيس الوزراء أحمد داود أوغلو عبر أثناء زيارته للمملكة العربية السعودية أن كلاً من تركيا والسعودية يقفان جنباً إلى جنب مع الشعب السوري والمعارضة السورية وفي ملمح ملفت للإنتباه كان السيد رئيس أركان الجيش التركي ضمن وفد السيد رئيس الوزراء حيث التقى هناك بنظيره السعودي وحضر كافة الاجتماعات مع الطرف السعودي وهو يرتدي بذته الرسمية.

في اليوم التالي، أعلنت القيادة الروسية أنها ستطبق قواعد إشتباك جديدة على طول الحدود السورية- التركية وأنها سوف تستهدف أي طائرة تركية تحاول عبور هذه الأجواء. ويعتبر الإعلان الروسي عن هذه المجموعة الجديدة من القواعد بمثابة دليل واضح على أن روسيا تحتل سوريا الآن.

على المستوى الميداني فإنه يلاحظ أن الولايات المتحدة مازالت تضع خطاً أحمر أمام تجاوز "قوات الحماية الشعبية"-البيدا - منطقة غرب الفرات ولكن هناك مؤشرات متزايدة على أن روسيا تحاول أن تخترق هذه الحدود. ولكن دعونا لا نخدع أنفسنا فالبيدا يقوم بحماية المواقع الأمريكية على الأرض في سوريا. ومنذ ثلاثة أيام قام المبعوث الرئاسي الأمريكي الخاص للتحالف الدولي لمحاربة تنظيم "داعش"  بريت ماكوريك بزيارة لمدينة كوباني –عين العرب- برفقة ممثلين عن الحكومتين البريطانية والفرنسية من أجل تعويض البيدا عن عدم دعوتهم لحضور محادثات جنيف بسبب الضغط الذي مارسته تركيا بهذا الخصوص. في ذلك الأجتماع قدم حزب البيدا طبقاً للسيد ماكوريك ليعبروا عن شكرهم وامتنانهم له وللولايات المتحدة الأمريكية ولكن بعد عدة أيام دعى حزب البيدا إلى مهاجمة تركيا.

في ظل هذه الظروف قد يكون من الصعب الإجابة على السؤال الذي وضعته كعنوان لهذا المقال، غير أن التعهد التركي بخصوص منع تأسيس كيان كوردي تابع لحزب البكي كي في جنوب تركيا لا يمكن المساومة عليه أبداً ويعني ذلك أيضاَ أن المعارضة السورية لن تترك وحيدة بحال من الأحوال.

عندما يتم النظر إلى الوضع القائم من هذا المنظور فإن السؤال فيما إذا كانت تركيا ستتدخل أم لا لا يبقى سؤالاً يجاب عليه بنعم أم لا ولكن السؤال هاهنا هو متى يحين وقت هذا التدخل.



أورينت نت - مترجم

إرسال تعليق

ياكريم نيوز | هو مواقع اخباري يهتم بالشان العربي والعالمي ينقل لكم الخبر كما هو
من مواقع اخر فتقع المسئولية الخبار علي المصدر

 
Top