إبن الرئيس وإبن المارشال

بقلم: م/يحيى حسن عمر تذكرون إبن الرئيس مرسي عندما عين قبل عام من الآن في إحدى الوظائف براتب 900 جنيه شهريًا !، أي براتب لم يصل حتى للثلاثة أصفار، وهو أقل من الحد الأدنى للأجور المزمع تطبيقه، والذي يرحل تطبيقه في العهد السعيد من شهر لآخر، تذكرون ما الذي حدث وقتها -على ضآلة الراتب - يا الله !!، تذكرون الإعلاميين الذين كانوا يتقافذون كالذي يتخبطه الشيطان من المس !!، تذكرون عندما إرتدى جميع علماني مصر وليبرالييها ثوب عمر بن الخطاب المرقع، وأصبح في مصر - فجأة وفي آن واحد - عشرات الملايين من (العمريين) الذين يحاسبون رئيس الجمهورية على هذا التعيين وعلى هذا الراتب الأقل من ثلاثة أصفار، كان هذا ابن الرئيس مرسي، وكان هذا راتبه الذي ضايق الناس كثيرًا وهوجم من أجله الرئيس طويلًا . ويذهب الرئيس وابنه، ويطوي الزمان عهده، ويظلنا زمان جديد ولكن بدون فاصل زماني، فمازال الناس هم أنفسهم، والمفترض أن ملايين (العمريين) الذين كانوا يحاسبون الرئيس على القطمير مازالوا على قيد الحياة، لم تأكلهم الأرضة، ولم تذهب بذاكرتهم تباعد السنون !!. لم يمض عام واحد على وقفة العلمانيين وأدعياء الليبرالية ضد الرئيس وأبنه صاحب 900 جنيه راتب شهري إلا ويعلن على الناس فجأة مشروع عملاق كأنه قدر أو وحي نزل من السماء دون سابق إنذار، ويعلن عن توقيع مذكرة تفاهم بين الجيش المصري وشركة أرابتك الإماراتية لبناء مليون وحدة سكنية (لمحدودي الدخل)، فهو بهذا مشروع عملاق يعد (الأبن البكر) لعهد المارشال، ويعلن عن قيمة هذا المشروع ابن المارشال فإذا هي 280 مليار جنيه مصري !!. وكالعادة، وفي عهد الشفافية العسكرية تحجب جميع المعلومات التي هي حق أصيل للشارع المصري، خاصة مع مشروع بهذه التكلفة غير المسبوقة، فلا نعلم هل أجريت دراسة جدوى للمشروع أم لا، وإن كانت لم تجر فتلك مصيبة، وإن كانت قد أجريت فأين هي ؟، ومن أجراها ؟، وهل تمت مناقصة عالمية بخصوص هذا المشروع ؟، وما هي عروض الأسعار الأخرى ؟، وكيف تكون وحدات محدودة المساحة ولمحدودي الدخل ثم تكون تكلفة الوحدة الواحدة 280 ألف جنيه مصري ؟!!. وتبحث عن ملايين (العمريين) الذين إرتدوا مرقعة عمر قبل عام وأخذوا يحاسبون الرئيس على مرتب إبنه (900 جنيه) الذي سيتقاضاه مقابل عمله طوال الشهر، فلا تسمع لهم الآن صوتًا وتلك المليارات تتطاير أمام أعينهم !!، ولا ينطقون بكلمة ولا حتى بسؤال، ولا نقول تحفظ أو إعتراض لا قدر الله (فالإعتراض على رسل الله، موسى وهارون آخر الزمان، هو أعتراض على الإله العسكري الذي ارسلهم، وهذا كفر بواح بالعهد الجديد)، لكن نقول هلا تساءلتم، هلا إستفسرتم، هلا نطقتم ولو من باب (ولكن ليطمئن قلبي) !!، هلا حاولتم ستر التباين الفج والفاجر والمنافق بين مواقفكم من ال900 جنيه وال280 مليار جنيه !!. شاهت الوجوه، لقد أراد الله أن يخزيكم ويكشف نفاقكم، كما كشفه في جميع المقارنات التي تأتي بها الأقدار واحدة بعد اخرى كأنها تنتصر للرئيس السابق – فك الله أسره – وتنتصف له، شاهت الوجوه وإنكشف النفاق، فالمقارنة بين الوقفة العمرية عند ال 900 جنيه وصمت القبور أمام هدر المليارات في مشروع يسند بالأمر المباشر دون مناقصات ب280 مليار جنيه بينما ذات المشروع قدمت بخصوصه دراسة جدوى متكاملة قبل اقل من ثلاثة أعوام وتبناها مركز دعم وإتخاذ القرار قدرت المشروع ب60 مليار جنيه !!، هذه المقارنة هي ذاتها بين تويتات (سقطت شرعية مرسي) عند قتلى الإتحادية الذين كان معظمهم من الإخوان وبين التأييد أو الصمت أمام المذابح المروعة التي تحدث في هذا العهد، وهي ذاتها المقارنة بين الإستحقاقات الإنتخابية النزيهة (ابناء ثورة يناير)، وبين الإستفتاء (ابن ثورة 30 يونيو) الذي شهد معجزة تضاعف الحضور وزيادتهم رغم المقاطعة وعزوف الشباب !، وهي ذاتها المقارنة بين موقفهم من أي تجاوزات للشرطة في عهد مرسي وبين لتأييد أو الصمت أمام التعذيب والسحل والممارسات الإجرامية في الأقسام والسجون حاليًا، وهي ذاتها المقارنة بين هياجهم أمام أزمات عهد مرسي التي ظهر أن معظمها صنعته اياد معروفة، وبين موقفهم أمام أزمات العهد الحالي وبعضها لم تشهده مصر من قبل وتتضاءل أمامه أزمات العام الماضي مثل توقف السكك الحديد المصرية لشهور دون أن يتهز هؤلاء، ولو توقفت لأيام في عهد مرسي لكان 30 يونيو قد تقدم موعده !!. أيها (العمريون) السابقون والمتساهلون المؤيدون حاليًا، لقد كان مكر الليل والنهار مكرتموه في الأولى والثانية، لم تصدقوا الله في الأولى فأظهر نفاقكم وكذبكم في الثانية، لقد أجرمتم في حق مصر مرتين، وخنتم أماناتكم مرتين، وتظنون أنكم أحكمتم المكر، وأن مكركم منصور، ولكن عين الله لا تنام، " ولا يحيق المكر السيئ إلا بإهله ".