0
جبهة العز بن عبد السلام الشرعية
الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله، وآله وصحبه ومن والاه، وبعد،
فقد أخذ الله العهد والميثاق على العلماء أن يبينوا الأحكام الشرعية للأمة في النوازل والقضايا والمسائل، ولا يكتموا العلم، قال تعالى: "وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ..". سورة آل عمران: 187. وقد روى أبو داود بسنده عن أبي هريرة قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "من سئل عن علمٍ فكتمه ألجمه الله بلجام من نارٍ يوم القيامة"، وهو ما نشأت من أجله جبهة العز بن عبد السلام الشرعية مؤخرًا.
وقد جاءت إلى الجبهة أسئلةٌ لا حصر لها عن حوادث اغتصاب تقع  من موظفين وفي مؤسسات الدولة الأمنية التي يناط بها تأمين حرمات الناس وحمايتهم وتوفير وتوقير كرامتهم وإنسانيتهم ، فإذا بهذه المؤسسات ببعض موظفيها من عسكر وضباط  تنقلب على وظيفتها وتغدر بحق الله وتسعى في الأرض فسادا لكسر إرادة الأمة بانتهاك أعراض حرائرها على الهيئة الزرية البشعة التي راجت وانتشرت حتى أحاط بها الخاصة والعامة.
ولهذا أصبح البيان بجميع صوره فريضة مفترضة على جميع المستويات، والتقصير فيه يؤذن بعظيم الغضب والمقت العظيم من الله الواحد القهار، يقول جل جلاله: " إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَىٰ مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ ۙ أُولَٰئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ". سورة البقرة: 159. وروى الإمام أحمد في مسنده بإسناد صحيح عن عبد الله بن عمرو، قال: سمعت رسول الله -صلي الله عليه وسلم - يقول: "إذا رأيتم أُمتي تَهَابُ الظالم أن تقول له: إنك أنت ظالم، فقد تُوُدِّعَ منهم".

خلاصة الفتوى:
تُفتي جبهة العز بن عبد السلام الشرعية بأن من قام باغتصاب فتاة مجاهرة ومكابرة حال الاعتقال أو الحبس، أو خطفا، فجزاؤه – إن لم يكن مستحلا لهذا الفعل - حد الحرابة المنصوص عليه في سورة المائدة في الآية رقم (33): "إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ". وتطبيقُ الحدود والقيام على تحقيق مقاصد الشرع ورعاية مصالح الناس منوط بالحاكم؛ إذ الحاكم وكيل عن الأمة في حراسة الدين وسياسة الدنيا به، فإذا عجز الحاكم عن القيام بهذا أو كان عاملا على ضد المقصود من أغراض انتصابه وكان القضاء غير عادل كما هو الحال في مصر الآن .. رجعت السلطة للأمة ممثَّلةً في علمائها وقادة الرأي فيها، وجاز لأولياء المغتصبة أن يُقَتِّلوا الفاعل الغاصب أو يصلِّبوه أو يقطِّعوا يديه ورجليه من خلاف، ولا دية له، شريطة أن يتأكدوا من أنه الفاعل بما لا يدع مجالا للريب أو الشك؛ وذلك رعاية لحرمة الدم وتغليب حق عصمة النفوس، وينطبق الحكم نفسه على المجموعة التي تغتصب واحدة، فإنهم يقتلون جميعا بها؛ فإن في هذا ردعًا لهم ولأمثالهم من أن يفكروا في الإقدام على مثل هذا، وتحقيقًا لمقاصد العقوبات في الإسلام.
التأصيل الشرعي للفتوى:
تحرير الواقع:
الواقع المسئول عنه هو أن أفرادًا من مؤسسات الأمن، من جهاز الشرطة، في الشوارع وفي أقسام الشرطة، وفي مصلحة السجون يقومون باغتصاب البنات والشباب، لإيصال رسالة إرهابية للناس حتى لا يقوموا بأي نوع من أنواع المعارضة ..
وقد تم توثيق أكثر من عشرين حالة اغتصاب جهارا ومكابرة، عن طريق مؤسسات المجتمع المدني، وبخاصة مؤسسات ومراكز حقوق الإنسان، من هذه الحالات من توفي، ومنها من اغتصب داخل عربات الشرطة في الشوارع وفي أقسامها، ومنها من تم اغتصابه بالتناوب أربع عشرة مرة!!
ويحدث هذا في ظل سلطة انقلاب عسكري على سلطة منتخبة انتخابا حرًّا، ومارست أشد أنواع القمع والقتل والاعتقال والمطاردة والمصادرة، وقامت بتبديد مؤسسات المجتمع المنتخبة، وإهدار مليارات الجنيهات التي صرفت على انتخابها، وملأت السجون عن آخرها من الأبرياء، وحكمت على المئات بالإعدام أحكاما بالجملة بما شوه صورة القضاء وأفسده داخليا وخارجيا.
ويتساءل أهالي هؤلاء المغتصبات: هل يجوز لنا الانتصار لأنفسنا إذا علمنا عين المغتصب؟ وكيف لا ننتصر لأنفسنا ولأعراضنا إذا كنا في ظل حكم لا يقوم على تحقيق مقاصد الشرع ومصالح الناس، وأمام قضاء لا يقضي بالعدل، بل يبرئ المجرم، ويدين البريء، وماذا نفعل في بنتنا إذا كانت حاملا من الاغتصاب؟ وما حكم هؤلاء الضباط شرعا: هل هم مسلمون؟ إلى غير ذلك من الأسئلة الدامية، ولا حول ولا قوة إلا بالله!
الحكم الشرعي للمُغتصِب (بكسر الصاد) مجاهرة ومكابرة:
إذا كان المراد بالاغتصاب إكراه أنثى على الزنى، فينبغي أن نفرق بين حالتين:
الحالة الأولى: ما يقع على وجه المخادعة والإسرار، فعقوبة المغتصِب جلد مائة وتغريب عام إن كان غير محصن، يعني عزبًا، وإن كان المغتصِب محصنا فعقوبته القتل رجما، ويضاف إلى ذلك ما يتعلق بكون الأمر وقع اغتصاباً، وهو: مهر المثل لهذه المرأة، يدفعه إليها الغاصب، وينطبق هذا الحد على من فعله بأنثى أو ذكر.
قال الإمام ابن عبد البر المالكي رحمه الله : "وقد أجمع العلماء على أن على المستكرِه المغتصِب الحدَّ إن شهدت البينة عليه بما يوجب الحد ، أو أقر بذلك ، فإن لم يكن : فعليه العقوبة (يعني : إذا لم يثبت عليه حد الزنا لعدم اعترافه ، وعدم وجود أربعة شهود ، فإن الحاكم يعاقبه ويعزره العقوبة التي تردعه وأمثاله) ولا عقوبة عليها إذا صح أنه استكرهها وغلبها على نفسها ، وذلك يعلم بصراخها ، واستغاثتها ، وصياحها". انتهى.
وقد بوَّب العلامة عبد الرزاق في مصنفه بابا في المستكرهة، أسند فيه عن حجاج أن حبشيا استكره امرأة منهم, فأقام عليه عمر بن عبد العزيز الحد، وأمكنها من رقبته. 
الحالة الثانية: ما يقع على سبيل المكابرة والمجاهرة والمغالبة، وهو ما ينطبق على الحالة المسئول عنها؛ فهذا يقام فيه حد الحرابة المذكور في قوله تعالى: "إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ". [المائدة: 33]. ويقع دمه هدرا، لا دية له، فإن كان مستحلا لهذا الفعل كان مرتدا باستحلاله لما حرم الله، ويموت على ذلك كافرًا.
اغتصاب المجموعة للواحدة يأخذ الحكم نفسه:
وإذا اغتصبت مجموعة امرأة واحدة، فإن هذه المجموعة يطبق عليها جميعا حد الحرابة كما يطبق على الفرد الواحد؛ قياسا على فعل عمر بن الخطاب رضي الله عنه في القتل، وتحقيقًا لمقاصد العقوبات في الإسلام؛ نظرا لقوله تعالى: "وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الأَلْبَابِ". سورة البقرة: 179. فإن الحدود والعقوبات جميعا في الإسلام مقصدها حماية الناس وتوفير الأمن الاجتماعي.

من أفتى بتطبيق حد الحرابة على الغاصب مجاهرة ومكابرة:
ولسنا بدعا في هذا القول أو الفتوى فقد سبقنا إليها كثيرون، من الناحية الشرعية والناحية القانونية، وممن أفتى به شرعا: هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية والسعودية، ودار الإفتاء المصرية، ومن عجب أن المدعو "سعد الدين الهلالي" كان ممن يقول بهذا.
1.    هيئة كبار العلماء بالمملكة السعودية:
برئاسة الشيخ عبد العزيز بن باز – يرحمه الله - قرار في هذا الشأن، جاء فيه: إن جرائم الخطف والسطو لانتهاك حرمات المسلمين على سبيل المكابرة والمجاهرة من ضروب المحاربة والسعي في الأرض فسادا المستحقة للعقاب الذي ذكره الله سبحانه في آية المائدة، سواء وقع ذلك على النفس أو المال أو العرض، أو أحدث إخافة السبيل وقطع الطريق، ولا فرق في ذلك بين وقوعه في المدن والقرى أو في الصحارى والقفار كما هو الراجح من آراء العلماء رحمهم الله تعالى. قال ابن العربي يحكي عن وقت قضائه: رفع إلي قوم خرجوا محاربين إلى رفقة فأخذوا منها امرأة مغالبة على نفسها من زوجها ومن جملة المسلمين معه، فاحتملوها، ثم جد فيهم الطلب فأخذوا وجيء بهم، فسألت من كان ابتلاني الله به من المفتين فقالوا: ليسوا محاربين! لأن الحرابة إنما تكون في الأموال لا في الفروج! فقلت لهم: إنا لله وإنا إليه راجعون! ألم تعلموا أن الحرابة في الفروج أفحش منها في الأموال؟! وأن الناس كلهم ليرضون أن تذهب أموالهم وتحرب من بين أيديهم ولا يحرب المرء من زوجته وبنته، ولو كان فوق ما قال الله عقوبة لكانت لمن يسلب الفروج. اهـ. [بحث للهيئة بعنوان: الحكم في السطو والاختطاف والمسكرات" (ص 192-194].
2.    دار الإفتاء المصرية:
وممن أفتوا بهذا أيضا دار الإفتاء المصرية كما جاء على بوابة الوفد المصرية بتاريخ يوم السبت , 22 ديسمبر 2012م. 07:40 تحت عنوان فرعي وأصلي: "مؤكدة على حق الدفاع عن النفس: الإفتاء: يجب تطبيق حد الحرابة على البلطجية. عدم الإبلاغ عن المعتدين إعانة للظالمين"، قالت دار الإفتاء: "إذا زاد الترويع إلى حد الاستيلاء على الممتلكات بالقوة أو حتى بإيهام القوة - فضلًا عن الخطف أو الاعتداء على النفس أو العرض- دخل ذلك في باب "الحرابة" و"قطع الطريق"، وهو كبيرة من كبائر الذنوب؛ شدد القرآن الكريم الحدَّ فيها وغلظ عقوبتها أشد التغليظ، وسَمَّى مرتكبيها "محاربين لله ورسوله، وساعين في الأرض بالفساد"، فقال سبحانه وتعالى: ﴿إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾ [المائدة: 33]، بل نفى النبي صلى الله عليه وآله وسلم انتسابَهم إلى الإسلام فقال في الحديث المتفق عليه: «مَنْ حَمَلَ عَلَيْنَا السِّلَاحَ فَلَيْسَ مِنَّا» رواه البخاري ومسلم من حديث ابن عمر وأبي موسى رضي الله عنهم. ومن فداحة هذه الجناية أن الحدَّ فيها لا يقبل الإسقاط ولا العفو باتفاق الفقهاء؛ لأنها انتهاك لحق المجتمع بأسره، فلا يملك المجني عليه العفو فيها".
وزادت: "إن الشرع  قد جعل للمعتدى عليه الحق في دفع المعتدي ولو بالقتل إذا لم يجد سبيلا غيره، ولا تَبِعَةَ عليه في ذلك مِن قصاص ولا دية ولا كفارة .. والإسلام يوجب مساعدةَ الإنسان لأخيه وإنقاذه من الاعتداء عليه، ومَن مات في ذلك فهو شهيد، وعدَّ الشرع الإحجامَ والنكوصَ عن النصرة والنجدة لمن يستطيع ذلك - ولو بالإبلاغ عن البلطجية المفسدين- تقاعسًا يُلحق الوزر بصاحبه، بل وإعانةً على الظلم... والشرع أوجب على الأفراد والمجتمعات أن يقفوا بحزم وحسم أمام هذه الممارسات الغاشمة وأن يواجهوها بكل ما أوتوا من قوة حتى لا تتحول إلى ظاهرة تستوجب العقوبة العامة، وتمنع استجابة الدعاء؛ فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «إِن النَّاس إِذا رَأَوْا الظَّالِم فَلم يَأْخُذُوا على يَدَيْهِ أوشك أَن يعمهم الله بعقاب من عِنْده» أخرجه أبو داود والترمذي وصححه وابن ماجه والنسائي من حديث أبي بكر الصديق رضي الله عنه".
3.    د. سعد الدين الهلالي:
أما قول "سعد الهلالي – صاحب دعوى النبوة الشهيرة للسيسي وإبراهيم – فنحن هنا لا نورده على سبيل الاستشهاد والاستكثار من الآراء، وإنما على سبيل المحاجة للمسترخصين؛ فقد نشر موقع الفقه الإسلامي ما قاله الهلالي لبرنامج قضايا فقهية معاصرة بقناة الرحمة، قال: إن المغتصب ليس له دية، وماؤه الذي ألقى به في رحم امرأة غصبا ليس له دية، داعيا المغتصبة بالتوجه سريعا إلى الطبيب للتخلص من ماء المغتصب الموجود برحمها على وجه السرعة بالإجهاض . وقال: إن التخلص من المغتصب جائز، وقياسا عليه يكون نفس الحكم على مائه، مؤكدا: أن المغتصب مهدر الدم ومهدر الدية في الإسلام، موضحا: أنه في حال قتله على فعلته النكراء ليس له دية وكذلك ماؤه). وزاد للبرنامج المذكور: وأوضح هلال: أن الإسلام لم يمنع المسلم من الحفاظ على نفسه أو ماله أو عرضه لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - :"من قتل دون ماله فهو شهيد ومن قتل دون عرضه فهو شهيد " موضحا: أن المرأة في حالة الاغتصاب والمقاومة المستميتة لو قتلت دون عرضها فهي شهيدة ، ولو قتلته فهو في النار ، معلقا لجوئها إلى قتله بأن تكون قد حاولت بسبل دون القتل لدفع ذلك ولم تفلح ولم يكن هناك وسيلة أخرى لدفع الضرر عن نفسها سوى ذلك . وأشار هلال إلى أن المغتصبة إذا قتلت المغتصب فليس له دية في الإسلام ، مؤكدا: أن المغتصب حكمه في الإسلام حكم المحارب ، معطيا الحق للقاضي بإنزال عقوبة الحرابة عليه لقول المولى تبارك وتعالى : " إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ... " .
4.    المجلس العسكري المصري:
هذا، وإنه لما انتشرت ظاهرة البلطجة والتحرش والاغتصاب زمن حكم المجلس العسكري بعد ثورة يناير 2011م؛ حيث أصدر المجلس مرسوماً بقانون رقم ١١ لسنة ٢٠١١، الخاص بتعديل بعض أحكام قانون العقوبات الصادر بالقانون رقم ٥٨ لسنة ١٩٣٧. وينص القانون في مادته الأولى على أنه استبدل بنصوص المواد أرقام (٢٦٧، و٢٦٨،٢٦٩، و٢٦٩ مكرر، و٢٨٨، و٢٨٩، و٣٠٦ مكرر أ) من قانون العقوبات النصوصَ الآتية:
مادة ٢٦٧: من واقع أنثى بغير رضاها يعاقب بالإعدام أو السجن المؤبد. ويعاقب الفاعل بالإعدام إذا كانت المجني عليها لم يبلغ سنها ١٨ سنة ميلادية كاملة، أو كان الفاعل من أصول المجني عليها أو من المتولين تربيتها أو ملاحظتها أو ممن لهم سلطة عليها أو كان خادماً بالأجر عندها أو عند من تقدم ذكرهم أو تعدد الفاعلون بالجريمة). [المصدر: جريدة المصري اليوم بتاريخ: 2/4/2011م تحت عنوان: (الجيش يشدد عقوبة الاغتصاب إلى الإعدام، والسجن لهتك العرض)].
من يقيم الحدود؟:
السؤال المهم هنا هو من يقيم الحدود؟
إقامة الحدود في الإسلام منوطة بالحاكم، الذي يعتبر وكيلا عن الأمة أو الذي وكَّلتْه الأمة في حراسة الدين وسياسة الدنيا به؛ إذ التدبير في الأمور العامة مرده إلى الحاكم.
وهناك اتفاق بين الفقهاء على أن إقامة الحدود منوطة بالحاكم، جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: "اتفق الفقهاء على أن الذي يقيم الحد هو الإمام أو نائبه ، سواء كان الحد حقا لله تعالى كحد الزنى ، أو لآدمي كحد القذف ، لأنه يفتقر إلى الاجتهاد ، ولا يؤمن فيه الحيف ، فوجب أن يفوض إلى الإمام ، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقيم الحدود في حياته ، وكذا خلفاؤه من بعده، ويقوم نائب الإمام فيه مقامه". (الموسوعة الفقهية الكويتية: 5 / 280).
هذا إذا كانت الأمة منتظمة في جماعة ،فإن لم تكن كذلك فالوقت يسمى وقت فتنة، وفيه يقول الإمام ابن حزم:" إن لم يكن للناس إمام ممكن فكل من قام بالحق حينئذ فهو نافذ". [المحلى: 12/ 523].
المعضلة في هذه المسألة هي أن الحاكم الموجود في مصر الآن مغتصب للسلطة ومنقلب على الإرادة الحقيقية للشعب، ومارس كل ما يمكن ممارسته من انتهاكات صارخة، ووقع هذا كله تحت سمعه وبصره.
والأنكى من هذا أن المؤسسات الأمنية التابعة للدولة التي نشأت وتتقاضى رواتبها من أموال الشعب، والتي يناط بها حماية الناس، وتأمينهم، وتحقيق الأمن لهم .. هي التي تقوم بقتل الناس واعتقالهم ومطاردتهم بغير حق، وهي التي تقوم بأفرادها وضباطها باغتصاب البنات في مقراتها وعرباتها مجاهرة ومكابرة أمام الناس!!
والأشد نكاية أن مؤسسة القضاء المنوط بها تحقيق العدل، وإعادة الحق إلى نصابه، وجعل القوي ضعيفًا حتى يؤخذ الحق منه، والضعيف قويًّا حتى يؤخذ الحق له .. هذه المؤسسة الآن أصبحت تبرئ المجرمين والقتلة، وتطلق أيديهم إمعانا في الإفساد والإجرام، بينما تدين بل تحكم بالإعدام على الأبرياء، وهذا لا يحتاج إلى توثيق وإثبات.
وراعي الشاة يحمي الذئب عنها *** فكيف إذا الرعاة لها ذئاب
فماذا يفعل ولي المغتصبة في هذه الحالة: هل يقوم بأخذ الحق بنفسه في ظل حاكم منقلب مغتصب صرح من قبل بأنه لن يعاقب أي ضابط في الجيش أو الشرطة مهما فعل، وفي ظل قضاء لا يقضي بالعدل ولا يأتي بالحق؟ أم يترك نفسه فريسة للقلق والاضطراب والعار، وإهدار شرفه وسمعته وكرامته، ويُترك العنان لهؤلاء المجرمين يغتصبون النساء ويقطعون السبيل ويأتون في مجتمعاتنا المنكر؟.
وعليه نقول: إن من حق أولياء المغتصبة أن يثأروا لأنفسهم بعد التحقق والتثبت، لما سبق، وللأدلة التالية:
من النصوص الشرعية:
يجوز للمرء إن رأى زوجته أو ابنته ينتهك عرضها أن يقتل الفاعل فورا حال تلبسه باغتصابها، والذي أجاز ذلك هو صاحب الشرع، النبي صلى الله عليه وسلم .. حدث هذا في وجوده رسولا وإماما وقاضيا، فكيف الحال في ظل حاكم مجرم، يأمر بالمنكر وينهى عن المعروف، وفي وجود قضاء لا يحكم بالعدل، ولا يعيد الحق إلى أهله؟.
ففي صحيح البخاري عن المغيرة قال: قال سعد بن عبادة: لو رأيت رجلا مع امرأتي لضربته بالسيف غير مصفح. فبلغ ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: تعجبون من غيرة سعد؟ والله لأنا أغير منه، والله أغير مني، ومن أجل غيرة الله حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن، ولا أحد أحب إليه العذر من الله، ومن أجل ذلك بعث المبشرين والمنذرين، ولا أحد أحب إليه المدحة من الله، ومن أجل ذلك وعد الله الجنة".
فانظر إلى تعقيب النبي صلى الله عليه وسلم على كلمة سعد، لم ينهه عن هذا، ولم ينكر عليه، وإنما أقره، وأثبت ما قال، وأنه – صلى الله عليه وسلم – أغير من سعد، والله تعالى أغير منه عليه الصلاة والسلام.
ونحن نعلم أن حربا كاملة قامت بسبب كشف عورة امرأة، ولا نقول اغتصابها، فقد أورد ابن هشام في سيرته عن أبي عون قال: كان من أمر بني قينقاع أن امرأة من العرب قدمت بجلب لها، فباعته بسوق بني قينقاع وجلست إلى صائغ هناك منهم، فجعلوا يريدونها على كشف وجهها، فأبت، فعمد الصائغ إلى طرف ثوبها فعقده إلى ظهرها، فلما قامت انكشفت سوأتها; فضحكوا بها، فصاحت، فوثب رجل من المسلمين على الصائغ فقتله، وكان يهوديا، فشدت اليهود على المسلم فقتلوه، فاستصرخ أهل المسلم المسلمين على اليهود فأغضب المسلمون، فوقع الشر بينهم وبين بني قينقاع. [السيرة النبوية: 3/ 314. ط. دار الجيل، والبداية والنهاية: 5/ 319-320. ط. هجر]. وفيه إشارة إلى أن المجتمع بأسره يجب أن ينتفض لمنع الرذيلة والدفاع عن عرض المسلمات.
وأخرج البخاري ومسلم عن ابن عمر -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ثلاثة لا ينظر الله -عز وجل- إليهم يوم القيامة: العاق لوالديه، والمرأة المترجلة ، والديوث".
وفي الحديث الذي أخرجه الطبراني أن الصحابة – رضوان الله عليهم- سألوا الرسول صلى الله عليه وسلم من الديوث؟ فقال: قال: الذي لا يبالي من دخل على أهله".
من القواعد الفقهية:
وهناك قواعد فقهية مستقرة تقضي بأن الحاكم وكيل عن الأمة وإذا لم يقم بواجبه ففعل المجتمع مُمَثَّلا في علمائه وقادة الرأي فيه، يقوم مقام فعل الحاكم،  ومن هذه القواعد:
1.    ولاة الأمور نواب ووكلاء وليسوا ملاكا:
تبين هذه القاعدة أن العلاقة بين ولي الأمر وبين الأمة هي علاقة وكالة, وتفويض ونيابة, فولاة الأمر من أعضاء السلطة التنفيذية كالوزراء وأعوانهم, وأعضاء السلطة القضائية وأعوانهم, وأعضاء السلطة التشريعية وغيرهم ينوبون عن الأمة فيما خاطبها الله تعالى به من التكاليف العامة, كحماية الأوطان, وحفظ حقوق الإنسان, وإنقاذ المعرضين للمجاعات, ووضع التشريعات للنهضة بالأمة ووقايتها من النـزاع المفضي للفشل وضياع الكلمة، ورئيس الدولة في المفهوم الإسلامي يمارس السلطة بتفويض الأمة ... وأن للوظيفة العامة شخصيتها المعنوية المنفصلة عن شخصية من يمارسها بما يستدعي منع التعسف في استعمال السلطة, ومنع استغلال المنصب العام لمصالح شخصية, وهذا من تقييد التصرف بغايته, انسجاما مع مقصد الشارع من التشريع دون تعسف أو انحراف وإلا بطل التصرف أصلا. [انظر: معلمة زايد للقواعد الفقهية والأصولية: 26/ 267-268].
قال الإمام القرطبي: "لا خلاف أن القصاص في القتل لا يقيمه إلا أولو الأمر؛ فرض عليهم النهوض بالقصاص وغير ذلك؛ لأن الله سبحانه خاطب جميع المؤمنين بالقصاص، ثم لا يتهيأ للمؤمنين جميعًا أن يجتمعوا على القصاص، فأقاموا السلطان مقام أنفسهم في إقامة القصاص وغيره من الحدود".
وهذا يعني أن الوكيل إذا تخلف عن أداء مهمته؛ فضلا عن أن يعمل على ضدها ويأمر بالقتل ويشرف عليه، وتهدر عنده الحقوق .. هذا يعني أن السلطة تعود مرة أخرى للأصيل ولا يكون للوكيل أي مشروعية، وعلى الأفراد والمجتمع أن يقوموا بدورهم، كما جاء في فتوى دار الإفتاء المصرية: "والشرع أوجب على الأفراد والمجتمعات أن يقفوا بحزم وحسم أمام هذه الممارسات الغاشمة وأن يواجهوها بكل ما أوتوا من قوة".
يقول القاضي الشهيد عبد القادر عودة: "ولقد بحث الفقهاء هذه المسألة فخرجوا من بحثها مجمعين على أن إقامة عقوبات الحدود واجبة على ولي الأمر، فإذا أهمل إقامتها كان من واجب كل فرد أن يقيمها دون أن يعتبر مرتكباً لجريمة، فإذا أقامها سقط الواجب بإقامتها عن غيره، ومعنى هذا أن الفقهاء يعتبرون إقامة الحدود من الفروض التي تلزم جميع الأفراد حاكمين ومحكومين، ولا تسقط عنهم إلا إذا أقيمت، ولا يجوز فيها عفو ولا إباحة. وأجمع الفقهاء أيضاً على أن العقوبات المقررة لجرائم القصاص والدية حكمها حكم الحدود، فهي واجبة الإقامة ما لم يعفو المجني عليه أو وليه عن العقوبة، فإذا أهمل ولي الأمر إقامتها كان للمجني عليه أن يقتص لنفسه، وكان لولي دم المجني عليه أن يقتص من الجاني دون أن يعتبر القصاص في هذه الحالة جريمة. واتفق الفقهاء على أن ولي الأمر ليس له أن يحل ما حرم الله، ولا أن يبيح ما أمر بمنعه، أياً كان نوع العقوبة المقررة على الفعل المحرم". ا.هـ. [التشريع الجنائي الإسلامي: 1/ 258، وانظر: الإقناع ج4 ص244، الأم ج6 ص171، حاشية البناني ج8 ص118، شرح فتح القدير ج4 ص112- 113، 160- 161].
2.    فعل الجماعة في عدم الإمام كفعل الإمام:
وهذه القاعدة تتعلق بتغييب الإمام – الرئيس – واغتصاب السلطات، وهذا أمر لا يعطي أية شرعية ولا مشروعية للغاصبين، فلقد أجمع الفقهاء على أن "كل من ثبتت إمامته - رئاسته- وجبت طاعته، وحرم الخروج عليه وقتاله". [المغني لابن قدامة: 8/ 104].
قال الإمام ابن تيمية: "لو فرض عجز بعض الأمراء عن إقامة الحدود والحقوق أو إضاعته لذلك: لكان ذلك الفرض على القادر عليه. وقول من قال: لا يقيم الحدود إلا السلطان ونوابه. إذا كانوا قادرين فاعلين بالعدل. كما يقول الفقهاء: الأمر إلى الحاكم إنما هو العادل القادر فإذا كان مضيعا لأموال اليتامى؛ أو عاجزا عنها: لم يجب تسليمها إليه مع إمكان حفظها بدونه وكذلك الأمير إذا كان مضيعا للحدود أو عاجزا عنها لم يجب تفويضها إليه مع إمكان إقامتها بدونه. والأصل أن هذه الواجبات تقام على أحسن الوجوه. فمتى أمكن إقامتها من أمير لم يحتج إلى اثنين ومتى لم يقم إلا بعدد ومن غير سلطان أقيمت إذا لم يكن في إقامتها فساد يزيد على إضاعتها فإنها من " باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر " فإن كان في ذلك من فساد ولاة الأمر أو الرعية ما يزيد على إضاعتها لم يدفع فساد بأفسد منه. والله أعلم." [مجموع الفتاوى: 34/ 176].
3.    إذا شغر الزمان عن الإمام وخلا عن سلطان ذي نجدة واستقلال وكفاية ودراية فالأمور موكولة إلى العلماء:
تتعلق هذه القاعدة بخلو الزمان عن الحاكم أو وجود حاكم لكنه ليس ذا كفاية ولا دراية ولا نجدة، فما بالكم إن كان متسلطا تجري كل الانتهاكات تحت سمعه وبصره من اعتقال للأبرياء ومطاردة للشعب واغتصاب للبنات في أقسام الشرطة؟!
قال الإمام الجويني: "وقد حان الآن أن أفرض خلو الزمان عن الكُفاة ذوي الصرامة، خلوه عمن يستحق الإمامة ....أما ما يسوغ استقلال الناس فيه بأنفسهم، ولكن الأدب يقتضي فيه مطالعة ذوي الأمر، ومراجعة مرموق العصر، كعقد الجُمَع وجرّ العساكر إلى الجهاد، واستيفاء القصاص في النفس والطَّرْف، فيتولاه الناس عند خلو الدهر .... وإذا لم يصادف الناس قَوَّاماً بأمورهم يلوذون به فيستحيل أن يؤمروا بالقعود عما يقدرون عليه من دفع الفساد فإنهم لو تقاعدوا عن الممكن، عم الفساد البلاد والعباد .... وقد قال بعض العلماء: لو خلا الزمان عن السلطان فحق على قطان كل بلدة وسكان كل قرية أن يقدموا من ذوي الأحلام والنهى، وذوي العقول والحجا من يلتزمون امتثال إشاراته وأوامره، وينتهون عند مناهيه ومزاجره، فإنهم لو لم يفعلوا ذلك ترددوا عند إلمام المهمات وتبلدوا عن إظلال الواقعات .... ثم كــل أمــر يتعاطــاه الإمــام في الأمــور المفوضة إلى الأئمة. فإذا شغــر الزمـان عن الإمــام، وخلا عن سلطــان ذي نجــدة وكفاية ودراية، فالأمور موكولة إلى العلماء، وحق على الخلائق على اختلاف طبقاتهم أن يرجعوا إلى علمائهم ويصدروا في جميع قضايا الولايات عن رأيهم، فإن فعلوا ذلك، فقد هدوا إلى سواء السبيل، وصار علماء البلاد ولاة العباد". [غياث الأمم: 385-391].

هل تطبيق الأفراد والمجتمع للحدود في هذه الحال افتئات على الحاكم؟:
تَرِدُ على هذا الرأي مشكلة وهي أن الذي يقتص بنفسه لشرفه وعرضه يعد مفتئتًا على الحاكم، وهذا صحيح في حال وجود حاكم مسلم يقوم على حراسة الدين وسياسة الدنيا به، ويعمل على تحقيق مقاصد الشرع ورعاية مصالح الناس.
وفي هذه الحالة إذا قام الفرد صاحب الحق بأخذ حقه بنفسه يقع فعله صحيحا، ويسقط حقه في العقوبة لأنه قام به ينفسه، وتبقى مخالفته في الافتئات على الحاكم، وللحاكم المتصف بهذه الصفات أن يعاقبه تعزيرا بما يناسب الحالة.
قال البهوتي الحنبلي: "(وَإِنْ مَاتَا) أَيْ: الصَّغِيرُ وَالْمَجْنُونُ (قَبْلَ الْبُلُوغِ وَالْعَقْلِ قَامَ وَارِثُهُمَا مَقَامَهُمَا فِيهِ) أَيْ: فِي اسْتِيفَاءِ الْقِصَاصِ، لِأَنَّهُ حَقٌّ لَهُمَا فَانْتَقَلَ بِمَوْتِهِمَا إلَى وَارِثِهِمَا كَسَائِرِ حُقُوقِهِمَا، (وَإِنْ قَتَلَا قَاتِلَ أَبِيهِمَا أَوْ قَطَعَا قَاطِعَهُمَا) أَيْ: الصَّغِيرُ وَالْمَجْنُونُ (قَهْرًا) سَقَطَ حَقُّهُمَا لِأَنَّهُ أَتْلَفَ عَيْنَ حَقِّهِ فَسَقَطَ الْحَقُّ أَشْبَهَ مَا لَوْ كَانَ لَهُمَا وَدِيعَةٌ عِنْدَ شَخْصٍ فَأَتْلَفَاهَا (أَوْ اقْتَصَّا مِمَّنْ لَا تَحْمِلُ الْعَاقِلَةُ دِيَتَهُ بِالْعَبْدِ سَقَطَ حَقُّهُمَا) وَجْهًا وَاحِدًا، لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ إيجَابُ دَيْنِهِ عَلَى الْعَاقِلَةِ فَلَمْ يَكُنْ إلَّا سُقُوطُهُ".  [كشاف القناع: 5: 533، وانظر: الكافي فقه ابن حنبل: 4: 181].

ضوابط تطبيق هذا الرأي:
لكي يطبق هذا الرأي تطبيقًا صحيحا لابد أن تراعى فيه عدة ضوابط، أهمها ثلاثة:
1.    عدم قيام الحاكم بمهمته ومخالفته لمقاصد الشرع ومصالح الناس:
إذا كان الحاكم محققا لمقاصد انتصابه من تحقيق مقاصد الشرع ورعاية مصالح الناس فلا يجوز لأحد أن يقيم الحدود المنوط تنفيذها به، ويعاقب من يقوم بهذا عقاب الافتئات على الحاكم.
أما إذا كان الحاكم مضيعا لحدود الله متجرئا عليها مهدرا مصالح الناس عاملا على قهر الناس والتضييق عليهم في دينهم ودنياهم، ففي هذه الحالة يرجع الأمر للعلماء؛ حيث إنهم هم أولو الأمر  بالأصالة، على ما قال به كثير من العلماء في قوله تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ". سورة النساء: 59 .
2.    عدم قيام القضاء بالعدل والحق:
قد يكون الحاكم ظالما وعاملا ضد مصالح الناس ومقاصد الشرع، لكن في دولة المؤسسات تكون السلطة القضائية لها استقلالها؛ فتحكم بالعدل، وتعيد الحق لأهله.
ولكن الواقع في الحال المسئول عنها أن القضاء المصري وصل لدرجة لم يصل إليها من قبل في تاريخه؛ حيث أصبح يبرئ المجرمين القتلة، ويدين بل يحكم بالإعدام على البرآء والقمم العلمية والدعوية في المجتمع، وسيبوء هؤلاء القضاة بغضب الله وسخط الناس، وهم مسئولون مسئولية أساسية عن كل قطرة دم وعما يجري الآن.
وفي حالات الاغتصاب خاصة لن يستطيع أولياء الحق أن يثبتوه أو يقدموا بلاغات ضد المؤسسات التي هي جزء من تحقيق العدالة في المجتمع؛ حيث أصبحت النيابة العامة – في مجملها – طوع أمر أجهزة أمن الانقلاب ورهن إشارتها، فأفرطت في حبس الأحرار من أبناء الشعب، وأسلمتهم لهؤلاء المغتصبين المجرمين، فشاركتهم بذلك في جرائمهم وباءت معهم بالإثم.
3.    التأكد والتحقق من الفاعل:
وهذا يعتبر من أخطر الشروط والضوابط؛ حيث للنفس حرمة وعصمة في الشريعة الإسلامية، قال تعالى: " مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا". سورة المائدة: 32.
فيجب على من يقوم بالانتصار لنفسه وعرضه وشرفه أن يتحرى ويتأكد تماما من عين الغاصب بما لا يدع أدنى شبهة أو احتمال، ولا أدنى ظن للريب والشك، وإلا باء بالإثم وحده دون غيره.
***
هذا، وقد صبر الشعب المصري سنة كاملة وربما أكثر على الانتهاكات وعلى أعمال البلطجة وقطع الطريق حتى وصل الأمر إلى انتهاك الحرمات واغتصاب البنات دون رادع من خلق أو دين أو قانون، ودون رادع من حاكم أو قضاء، فلم يبق أمام الأولياء إلا أن يقوموا بالدفاع عن أنفسهم والقصاص من المجرمين، حتى يرتدعوا، ولا يصبحوا فتنة للمجتمع.
ومع هذا كله يجب على المجتمع بكل مكوناته أن يسعى جاهدا لتغيير هذه السلطة المغتصبة ومقاومتها بكل ما يملك، فهذا واجب عيني على كل فرد ، فإزالة هذا الظلم والقهر يبعدنا عن كثير من البلاء، ويحفظنا من الفتن .. والله تعالى أعلى وأعلم.
صدر عن جبهة العز بن عبد السلام الشرعية في 5 رمضان 1435هـ . 3 يوليو 2014م
 

إرسال تعليق

ياكريم نيوز | هو مواقع اخباري يهتم بالشان العربي والعالمي ينقل لكم الخبر كما هو
من مواقع اخر فتقع المسئولية الخبار علي المصدر

 
Top