0

تطور الحركة الطلابية أكسبها المزيد من التكتيكات والخبرة  فى التصدى للنظام الانقلابى الدموى. -

- القمع الأمنى حوّل الجامعات لمناطق عسكرية وعمليات حربية.


الانتفاضات الطلابية، هى وقود الثورة والجامعة، هى الآلية التى يتخرج منها القادة والزعماء؛ ولذا ركزت سلطات الانقلاب على عزل الجامعة، وتشويه رموزها، ومحاولة وأدهم وتلفيق القضايا والاتهامات لهم، ولكن فشلت كل هذه الجهود وبائت بالفشل.
وقد رصد تقرير "مؤشر الديمقراطية" أكثر من ثلاثة آلاف احتجاج طلابى تخللتها أكثر من 600 حادثة عنف خلال العام الدراسى الماضى، الذى يمثل أول عام للانقلاب فى مصر، الذى بدأ فعليا يوم 3 يوليو 2013، ببيان الجيش الذى ألقاه  عبد الفتاح السيسى، وزير الدفاع وقتها، وأعلن فيه عزل الرئيس الشرعى الدكتور محمد مرسى، وتجميد العمل بالدستور، والهيئات المنتخبة.
وحذر تقرير صادر عن المركز التنموى الدولى من أن عودة الإدارة المصرية لانتهاج سياسات رأت أنها ربما تكون حوائط صد لهذا الحراك، لم تفرز سوى المزيد من الاحتقان والمواجهات التى اُعتقل على أساسها نحو 70 طالبا خلال أول يومين من العام الدراسى الحالى؛ ناهيك عن حالات الشغب والعنف بين الطلاب والأمن أو الطلاب على مختلف انتماءاتهم، بحسب التقرير.
وقال التقرير -الذى حصل موقع "عربي 21" على نسخة منه-: "إن سياسات الدولة الحالية فى التعامل مع الحراك الطلابى لم تثمر سوى بانتفاضة طلابية كبرى"؛ مؤكدا أن الدولة المصرية أعادت إنتاج سياسات أثبتت إخفاقات تاريخية فى التعامل مع طلاب الجامعات، وأن المواجهات الأمنية لا تولد إلا مقاومة طلابية عنيفة.

الكمائن المستفزة أمام الجامعات:
وشدد التقرير على أن التصدى الأمنى الذى يحدث الآن للنشاط الطلابى الذى اعتقل أكثر من 70 طالبا خلال أول يومين من العام الدراسى الحالى تحت مسميات وحجج مختلفة، ناهيك عن ملايين الجنيهات التى أنفقتها الجامعات على التعاقد مع شركات الأمن الخاصة، والكمائن المستفزة أمام الجامعات، التى حولتها لما يشبه مناطق عسكرية وعمليات حربية، "لا يعد سوى امتداد لسياسات القمع الأمنى التى انتهجتها دولة الحكم فى مصر ضد الطلاب بداية من بوليس القصر".
وأكد التقرير أنه برغم تلك المواجهات الأمنية مع الطلاب، إلا أنها لم تستطع يوما صدهم عن ممارسة أنشطتهم، بل إنها أعطت الحركة الطلابية المزيد من التكتيكات والخبرة والحشد والمصداقية، وعززت من ضعف كل نظام، حاول انتهاج سياسة المواجهات الأمنية؛ لذا فإن المواجهات الأمنية للنشاط الطلابى، مهما اختلف من يمارسها، لم ولن تجدى نفعا أمام نشاط الطلاب الوطنى المفعم بالنشاط والذكاء والخبرة المتراكمة، بل أقصى ما يمكنها تحقيقه، هو الدفع بالدولة للمزيد من الخسائر البشرية والاقتصادية؛ وكذلك الدفع بالطلاب للمزيد من التنظيمات السرية الانتقامية التى تستهدف الانتقام من رموز سلطات الدولة، خاصة الأمنية منها؛ رغبة فى الخلاص من قمع تلك السلطات، وفق التقرير.

تشريعات مقيدة للحريات:
وأوضح المركز التنموى الدولى فى تقريره، أن محاولات قمع الحراك الطلابى من قبل الإدارة الحالية للبلاد قد تنوعت مستخدمة التشريعات المقيدة للحريات مثل: "قانون التظاهر"، الذى واجه معارضة واسعة من معظم فئات المجتمع حتى المناصرة للإدارة الحالية للدولة؛ بالإضافة للائحة العمل الطلابى الجديدة التى أحدثت شرخا واضحا بين إدارة الدولة والطلاب، وعكست فجوة هائلة ناتجة عن إعادة إنتاج الدولة لسياسات التقييد التشريعى للنشاط الطلابى.
وقال: "إن أى محاولة تقييد تشريعى للحراك الطلابى سوف تواجَه إما بتحدى تلك التشريعات، وخرقها عمدا؛ أو زيادة الاحتقان الذى سينتج انتفاضات طلابية واسعة، وفى كل الأحوال، سيولد المزيد من المواجهات العنيفة بين إدارة الدولة والطلاب.

الإقصاء السياسى (مفتاح الانتفاضات):
وحذر التقرير من أن "الإقصاء السياسى للطلاب، هو مفتاح الانتفاضات الطلابية الكبرى"؛ مشيرا إلى أن وقف العمل السياسى بالجامعات، والتهديد بمحاكمة من يسيء لرئيس الدولة، وحل الأسر الجامعية، وغيرها من القرارات التى حاولت إقصاء الطلاب المعارضين للإدارة الحالية من العمل السياسى بالجامعة، وفى الوقت ذاته تقييد حرية التظاهر والتنظيمات الشبابية خارج الجامعة بشكل يمثل خنقا واضحا لمتنفّسات العمل السياسى للطلاب كافة، الأمر الذى لا يضع أمامهم سوى خيارات خرق تلك القرارات علنا، والوقوع فى مواجهات مع السلطة، أو الاتجاه للعمل السرى.
وخلص التقرير إلى أن الحصار السياسى للطلاب لن ينتج عنه سوى المزيد من المواجهات والاحتقان بين الإدارة المصرية والطلاب، ولن ينتج عنه سوى خسارات سياسية للإدارة المصرية، والمزيد من المكاسب لمعارضيها وأعدائها وخصومها السياسيين و الدوليين.

التشويه الإعلامى للحراك الطلابى (أداة فاشلة):
وعلى المستوى الإعلامى، شدد التقرير على أن "التشويه الإعلامى للحراك الطلابى" أداة فاشلة فى عصر الإعلام الاجتماعى"؛ مشيرا إلى نماذج من التحريض الإعلامى السافر على الطلاب، ومؤكدا أن هذا التحريض لم يكن سوى امتداد لسياسات متعمدة لتشويه الحراك الطلابى السياسى على مر العصور، لكنه وصل لذروته فى العام الدراسى 2014؛ ليتهم الطلبة بالعمالة والإرهاب والبلطجة، ويتم وصم كل من يعارض الإدارة الحالية، وتصنيفه على أنه منتمٍ لجماعة إرهابية؛ ناهيك عن سياسات واضحة تقصى المتحدثين باسم الطلاب، ومصالحهم، وتبرز دعاية سلبية لكل احتجاجاتهم، وتحركاتهم، فى حالة تناسى واضحة أن الطلاب الجامعيين يمثلون المكون الأساسى لنجاح أى كيان إعلامى، وأن لديهم من الوسائل الإعلامية الحديثة ما يمكنهم من قيادة حملات إعلامية كاملة ضد كل من يروج ضدهم.

البتر الاجتماعى للطلاب (خطوة لإشعال العنف):
 على المستوى الاجتماعى، قال التقرير: "إن وسائل الإعلام تناقلت تصريحات رجال الدولة والتعليم حول تصنيف الطلاب لمتعاونين يتم تجنيدهم لمراقبة الطلاب المؤيدين للشرعية، مما عكس سياسة واضحة للتصنيف والتفرقة بين الطلاب أنفسهم، وخلال العام الدراسى 2013 حدث ما يقارب من 100 حالة اشتباك بين الأهالى والطلاب، فى حين رأت الإدارة المصرية "الانقلابية" تصنيف الأهالى المشتبكين مع الطلبة على أنهم "مواطنون شرفاء"، وجرى تصنيف الطلاب على أنهم "مجرمون"، بالإضافة لبعض الشحن الإعلامى ضد الحراك الطلابى، وتوفير غطاء شرعى من إدارة الدولة لـ"المواطنين الشرفاء"، لملاحقة الطلاب "المجرمين"، على حد وصف الدولة، الأمر الذى عكس انتهاج الدولة لسياسة بتر اجتماعى للطلاب، وشحذ لباقى قطاعات المجتمع ضدهم، ومحاولة إلقاء مشكلات الأمة كافة على عاتق الحراك الطلابى خارج الجامعة أو داخلها.
واعتبر التقرير، أن تلك السياسة لا تمثل إلا أداة لتوسعة فجوة الخصام المجتمعى فى مصر، وعائقا أساسيا أمام أفكار المصالحة الوطنية، ويجب شحذ الجهود ناحية البناء لا القمع والهدم والفرقة.

حقائق فى المشهد الطلابى:
فى المحصلة، أكد التقرير حقائق عدة رأى فى أولها أنه يجب على الدولة مراعاتها عند التعامل مع الحراك والحريات الطلابية، منها: إن فكرة فصل العمل السياسى عن النشاط الطلابى، هى كفصل روح عن جسد، وهى فكرة مستحيلة التطبيق عمليا فى الواقع المصرى، بحسب التقرير.
والحقيقة الثانية، هى أن التظاهرات، والإضرابات، والمسيرات، وغيرها من وسائل الاحتجاج والتظاهر، هى الأساس الذى قام عليه نشاط الحركة الطلابية، وأنه لن تجد محاولات قمع التظاهر خاصة لدى الطلاب أى نفع، وأنه على إدارة الدولة تنظيم هذا الحق، ليس منعه أو قمعه بأى وسيلة.
وحذر التقرير من أن الحراك الطلابى، برغم ضخامته وقوته إلا أنه قوة زئبقية لا يمكن لسلطة أو إدارة التحكم بها، أو قمعها، أو إحكام السيطرة عليها، ولكنها قوة تمثل إضافة حقيقية لأى إدارة تنصت لها، وتشاركها فى عمليات الإصلاح والبناء؛ وأن هناك علاقة طردية واضحة بين منح الحراك الطلابى المزيد من الحريات، واستقرار الأنظمة والحكومات، مثلما أن أى تقييد للحريات الطلابية، هو أحد العوامل الأساسية لزعزعة استقرار أى نظام إدارى أو حكومة.

كيف نبدأ حل الأزمة؟
هكذا طرح التقرير السؤال داعيا للبدء فى عملية تفاوض جادة وحقيقية تجمع ممثلين عن إدارة الدولة، والاتحادات الطلابية، وقطاع التدريس بالجامعات، والمنظمات المدنية العاملة فى مجال حقوق الطلبة، والحقوق والحريات المدنية والسياسية والإعلام؛ بهدف الوقف الفورى للمواجهات الحالية بين الدولة والطلاب، والجلوس على مائدة تفاوض؛ من أجل حماية وإقرار الحريات الطلابية، وحماية حقوق الطلاب كافة، وذلك بتلقى المعلومة فى جو ملائم، بعيدًا عن العنف و "إرهاب الدولة".
وطالب المركز بأن تبدأ المفاوضات أجندتها بالنظر فى خطوات إيقاف المواجهات الأمنية مع الطلاب، وإعادة النظر فيما يخص التعاقدات الخاصة بشركات الأمن، ودور قوات الأمن فى تنظيم عملية حماية الأمن داخل وخارج أسوار الجامعة، دون تحويلها لمعسكرات مخابراتية أو أمنية.
كما أن التقرير طالب بالعفو عن الطلاب المعتقلين كافة تحت قضايا تخص مشاركتهم فى أنشطة واحتجاجات طلابية، وإعطائهم فرصة أخرى للتعليم، عوضا عن الزج بهم بين المسجونين الجنائيين، وكذلك إعادة النظر فى اللائحة الطلابية، وتنظيم العمل الطلابى، وتشجيعه بما يصب فى صالح تنمية العملية التعليمية، .والعمل الوطنى

".

إرسال تعليق

ياكريم نيوز | هو مواقع اخباري يهتم بالشان العربي والعالمي ينقل لكم الخبر كما هو
من مواقع اخر فتقع المسئولية الخبار علي المصدر

 
Top