0
في ظل نظرة سودوية، منذ الانقلاب على ثورات الربيع العربي والإطاحة بأول رئيس إسلامي يصل إلى سد الحكم، تنفس فيها الكثير طعم الحرية ونشر للعدالة الاجتماعية وراودت الكثير أحلام التغيير  والنهوض من دولة الظلم إلى دولة العدل إلى مرحلة التمكين للإسلام ليس في بلاد الربيع العربي بل سيمتد إلى بقاع الأرض وظن البعض أن هذه مرحلة التمكين التي بشر بها النذير البشير ، صل الله عليه وسلم، لكن حدث ما حدث ، واستعجل البعض ولم يلتفوا إلى سنن الكونية ، بالتغيير بالتدرج ولم يحتاطوا إلى حيل أعداءهم ، وكانت الفرقة بين رفقاء الثورة بالاطماع والنزاع فكان ما كان من انقلاب في مصر  والكارثة في سوريا ، وليبيا واليمن ونجت تونس بعض الشيء، في ظل هذه الجو من الاحباط واليأس الذي تمكن من النفوس خاصة بعدما تراجع حزب العدالة والتنمية بعض الشيء في أول الأمر ، وظن البعض أن الأمل الوحيد بدأ يتلاشى هنالك ابتليء المؤمنون وزلزلوا زلزالا شديدا، فجاء الأمل الذي يقف عنده أ. د. حلمي القاعود من خلال هذا المقال، ليؤكد أن انتصار أردوغان لم يكن انتصار ا في انتخابات إنما هو انتصار للإسلام والمسلمين بل هي بداية مرحلة التمكين،

فكتب يقول بعد بسم الله الرحمن الرحيم:
أعترف أن انتصار الإسلام في تركيا أول نوفمبر 2015 قد رد إلىّ الروح بعد حالة يأس تناوشتني طوال عامين من المعاناة والمرارة واستئساد شهود الزور وتوحش أعداء الحرية وقسوة من كنّا نظنهم يقفون إلى جوار الشعوب لا الطغاة ! نحن في النهاية بشر نضعف ، ونقف على الحافة أحيانا بل نقع من فوقها في بعض الظروف ، وهذا ليس غريبا بالنسبة لنفس بشرية تتأرجح بين الرجاء والخوف ، واليأس والأمل . من يعتقد أن الإنسان كتلة صلبة لا تتغير مخطئ ، فالإنسان كيان حي يعيش المكابدة والمعاناة في حياته ، والسعيد من يعثر على الطريق السوي الذي يقلل من معاناته ومكابدته "لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ فِي كَبَدٍ " ( البلد : 4 ) .
حين أتحدث عن انتصار الإسلام في تركيا ، فلا أعني حزب العدالة والتنمية ، ولا أحمد داود أوغلو ، ولا الطيب أردوغان ، فهؤلاء مسلمون يتغيرون ويتحولون ، ولكني أعني الفكرة التي جاء بها محمد – صلى الله عليه وسلم – ويحاربها أراذل الناس في العالم ومن بينهم بعض العرب أو من سماهم القرآن الكريم  {الْأَعْرابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفاقًا وَأَجْدَرُ أَلاَّ يَعْلَمُوا حُدُودَ ما أَنْزَلَ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ  ( التوبة : 97) .
مذ تفجرت ثورة الربيع العربي في أواخر ديسمبر 2010 وأوائل يناير 2011- حنينا إلى الحرية ، ورغبة في استعادة الإسلام والسلام - وقوى الشر المحلية والإقليمية والدولية لم تغفل أو تنم ، فحاكت المؤامرات ودبرت الانقلابات وأسرفت في إنفاق أموال الشعوب المظلومة لتحويل الربيع إلى شتاء وعواصف ودماء وضحايا خلف الأسوار وفي المنافي والملاجئ ، وراحت تنفق بسفه على الانقلابيين والإعلام والصحف والأبواق لتنتقم بوحشية من كل محب للحرية والكرامة والعدل ، ورأى الناس طغاة وانقلابيين يقتلون من شعوبهم ما يتجاوز ربع مليون إنسان ، ويشردون من بلادهم نصف السكان أو يزيد ، وشاهدوا من يقتل الآلاف من الأبرياء بدم بارد في الميادين والشوارع ، ولا يكتفي بذلك بل يقوم بالاغتيالات في البيوت والمساكن ، ويمارس العنصرية والمكارثية والكراهية في أبشع صورها ، ويروع كل صوت يرفض الدم والقهر والفساد في رزقه وعمله وأمنه الشخصي ، فضلا عن استئصال الإسلام وإقصائه ومطارته في المساجد والمدارس والجامعات والمؤسسات والبيوت والشوارع والميادين ، وتوظيف عمائم فاسدة تقلب الباطل حقا والحق باطلا دون أن تخشى الله أو لوم الضمير ! هذا الجو المحبط يفعل فعله في النفس البشرية ، خاصة وأن يد الشر امتدت إلى تركيا المسلمة لبث العنف والقلاقل في أرجائها وبث الانقسام بين عناصرها ومذاهبها وحرمان شعبها ممن يعملون لتطوير حياته وترقيتها ونقلها إلى وضع متقدم .
كادت يد الشر أن تفلح في ذلك عن طريق المليارات التي دفعها الأعراب والمخططات اليهودية الصليبية ، مما جعل النتائج في انتخابات يونيه الماضي تضع الوطن الشقيق على حافة الانزلاق نحو المجهول .
جاءت نتائج انتخابات نوفمير 2015 لتعيد الأمل في انتصار قوى الخير التي تتبنى منهج الإسلام مرة أخرى ، وتؤكد على أن اليأس من روح الله لا يليق بالمؤمنين ، وأن الصبر وتحمل الشدائد والعمل الصامد لإعلاء كلمة الله التي هي لخير الناس جميعا واجب الوقت ، وأن الأمل في فرج الله أقرب مما يتصور البشر .
لم يكن انتصار الإسلام في تركيا لحزب أو شخص بقدر ما كان للمسلمين جميعا في أرجاء الأرض ، وفي مقدمتهم الشعب التركي الذي شعر بالأمان بعد إعلان نتيجة الانتخابات ، وكانت بشائر ذلك أن الليرةالتركية سجلت ارتفاعا كبيرا مقابل الدولار واليورو، وبدأت بورصة اسطنبول جلستها صباح الاثنين ( اليوم التالي للانتخابات) على ارتفاع 5,4 بالمئة ليصل إلى 83 الفا و735 نقطة. لقد أشرقت شمس الانتصار على المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها ، عدا الذين في قلوبهم مرض من أعداء الإسلام وخصومه . لا يعنيني ما قالته نائبة رئيس  البرلمانا لألماني ووصفها الانتخابات باليوم الأسود لتركيا .. وأن فوزحزب العدالة التنمية في الانتخابات التشريعية سيكون له عواق بسلبية على الاتحاد الأوروبي في أزمةاللاجئين،وأن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، سيملي على الاتحاد الأوروبي شروطه في المستقبل.
ولا يعنيني أيضا ما أشارت إليه صحيفة الفاينشيال تايمز بأن حلفاء تركيا الأجانب عبروا عن قلقهم عن طريقة الحكم ونزعة أردوغان السلطوية، فإنهم يعبر ون عن أملهم في أن يعمل الفوز على تعزيز استقرار قوة سياسية واقتصادية رئيسة في المنقطة. ولا يعنيني كذلك أن يتجهم الأمريكان لفوز الإسلاميين في تركيا وخيبة أملهم لعدم الاستجابة الشعبية التركية لعناصر الشر المحلية والإقليمية .. فكل هذا طبيعي.
الذي يعنيني هو ذلك السعار المجنون الذي هيمن على ردود الفعل الأعرابية بعد فوز الإسلاميين في تركيا .

لقد كان يظنون أن أردوغان لقمة سائغة سيلتهمونها مثلما فعلوا مع محمد مرسي ، ونزهة قصيرة مثل التي قضوها في ليبيا واليمن وسورية وتونس . لقد كان أردوغان واقعيا للغاية ، واستطاع أن يحاصر عناصر الشر  بأساليبه المختلفة ، لم يكن "طيبا" مثل محمد مرسي أو متسامحا . لقد لا حق الأشرار  بيد من حديد . لم يترك لهم فرصة العبث بأمن البلاد ، أو النيل منه . لقد لاحق جرائمهم بالقانون ، ولم يسمح لعميل أو خائن أن ينال منه أو من القانون كما حدث لمرسي . كانت يد القانون تطال الكذبة والعملاء وهم في قاعات البث التلفزيوني أو مكاتب الصحف ، بالإضافة إلى إدراكه للدور الذي تقوم به جماعة الخدمة ، ويشبه الدور الذي قامت به اللحى الخائنة في مصر .
استطاع أردوغان أن يقهر الدولة العميقة وداعميها الإقليميين والدوليين ، ولم يهتز في مواجهتها بسلطة القانون ، فلم تتلوث أسماع الأتراك بأكاذيب الخونة والعملاء ، ولم يحقق أعداء الديمقراطية مكاسب ذات قيمة كبيرة ، وإلى جانب مواجهته للأشرار فقد صحّح كثيرا من خططه ، وراجع العديد من مواقفه بما يتلاءم مع رغبات الشعب التركي ، واستطاع في النهاية أن يحقق انتصارا كبيرا للإسلام وشعبه والشعوب الإسلامية جميعا . وعليه الآن أن يواجه بعد نجاحه المزيد من مؤامرات الأشرار.
ردود الفعل الأعرابية المسعورة عبرت عن رؤى جاهلة تزعم تزوير الانتخابات ، وأن فوز العدالة والتنمية فوز شكلي يهدد الأمن المصري ويخرب الوطن العربي ، وأن المال السياسي لعب دورا في هذا الفوز ، وأن الدول المجاورة تكره النظام التركي ، وغير ذلك من الردود التي تثير كثيرا من السخرية والابتسام .
انتصار الإسلام في تركيا بشارة بانتصاره- إن شاء الله - في العالم الإسلامي. الله مولانا . اللهم فرّج كرب المظلومين . اللهم عليك بالظالمين وأعوانهم .

إرسال تعليق

ياكريم نيوز | هو مواقع اخباري يهتم بالشان العربي والعالمي ينقل لكم الخبر كما هو
من مواقع اخر فتقع المسئولية الخبار علي المصدر

 
Top