0

الإيغور، قومية من آسيا الوسطى ناطقة باللغة التركية وتعتنق الإسلام دينًا، يعيش أغلبها في إقليم “سنغيانغ” أو “شينجيانغ” الذي كان يسمى “تركستان الشرقية” قبل ضمه إلى الصين عام 1949.

تشكل قومية الإيغور واحدة من 56 عرقية في جمهورية الصين الشعبية، إذ يتركز الإيغوريون في منطقة تركستان الشرقية “شينجيانغ” على مساحة تعادل 1/6 مساحة الصين، وتشير تقديرات إلى أن عدد المسلمين الإيغور يصل إلى 25 مليون نسمة.

تقرير لجريدة “البصائر” يكشف للقارئ المعاناة التي يعيشها المسلمون في الصين بعيدًا عن أعين العالم.

الإيغور وبداية القمع الصيني
معاناة مسلمي الإيغور قديمة جدًا وليست وليدة السنوات الأخيرة، إذ يقول الكاتب “جمال نصار” إن العلاقة بين الإيغور والصينيين اتخذت طابع الكر والفر منذ القدم، حيث تمكّن الإيغور من إقامة دولة تركستان الشرقية التي ظلت صامدة نحو عشرة قرون قبل أن تنهار أمام الغزو الصيني عام 1759 ثم عام 1876، لتلحق بالصين نهائيًا عام 1950.
تعرض المسلمون الإيغور لمجزرتين كبيرتين في الصين، ففي عام 1863 قتل منهم ما يفوق مليون شخص على يد الصينيين، ثم جاء النظام الشيوعي ليرتكب مذبحة مشابهة عام 1949،

ويضيف نصار أنه على مدى هذه المدة، انتفض الإيغور في عدة ثورات نجحت في بعض الأحيان في إقامة دولة مستقلة على غرار ثورات 1933 و1944 لكنها سرعان ما انهارت أمام الصينيين، الذين أخضعوا الإقليم في النهاية لسيطرتهم بالقوة المفرطة ودفعوا بعرق “الهان” إلى إقليم تركستان الشرقية الذي أوشك أن يصبح فيه الهان الصينيون أغلبية على حساب الإيغور المسلمين، وهم السكان الأصليون للمنطقة.

تعرض المسلمون الإيغور لمجزرتين كبيرتين في الصين، ففي عام 1863 قتل منهم ما يفوق مليون شخص على يد الصينيين، ثم جاء النظام الشيوعي ليرتكب مذبحة مشابهة عام 1949، عندما قتل أيضًا أكثر من مليون وانتهى الأمر حينها بضم إقليم تركستان الشرقية رسميًا إلى الصين.

وبعد أحداث 11 سبتمبر/أيلول 2001 كثف النظام الصيني من حملة مطاردته للإيغور، إذ تمكن النظام الصيني من جلب بعض الناشطين الإيغور من باكستان، وكازاخستان وقيرغزستان في إطار ما يسمى بالحملة الدولية لمكافحة الإرهاب.

معاناة وإذلال وهدم للمعتقدات

تنص المادة رقم (36) من دستور جمهورية الصين على أن للمواطن الصيني حرية العقيدة والدين، وأن الدولة تَحمي الشعائر الدينية للمواطنين العاديين بالتساوي، إلا أن الصين تتعامل مع الإيغور بغير هذ النص، إذ لا تزال السلطات الصينية تهدم المساجد، وتصادر المصاحف وتلزم النساء المسلمات بخلع الحجاب، كما أنها تمنع الرجال من إطلاق اللحى ومن الصيام، حتى وصل الأمر إلى منع المسلمين من تسمية أبنائهم بأسماء إسلامية أو عربية، ومن يرفض ذلك من الإيغور يتعرض لأشد العقوبات والسجن بل والإعدام.

ليس هذا فحسب، إذ إن الصين تحارب المسلمين الإيغور بطرق لم تفعلها حتى محاكم التفتيش في الأندلس، إذ إنها تمنع إصدار جوازات السفر للإيغور فضلًا عن إلزام تعليم الأطفال في المدارس الحكومية وتعلم النهج الماركسي وإجبارهم على الإفطار علانية في رمضان وأكل لحم الخنزير وشرب الخمر وبيعه، حتى وصل الحال بالإيغوريين إلى منع السلطات الصينية لهم من دفن موتاهم، إذ يجبر المسلمون على حرق موتاهم امتثالًا للعقائد الصينية.

وتقول الكاتبة “ميرفت عوف” إن إقليم تركستان الشرقية (شينجيانغ) يتعرض المسلمون فيه للقمع وأعمال عنف دامية منذ عام 2009، إذ تتعمد الصين إذلال المسلمين هناك، وتجبر الأئمة على الرقص في الميادين العامة وسب الدين الإسلامي ووصفة بالإرهاب.

وتضيف الكاتبة: “في عام 2014 أطلقت الحكومة الصينية حملة قمع أعدم على إثرها العشرات من المسلمين وسجن الآلاف دون محاكمات عادلة، وتفاخر المدعي العام الصين في تقريره السنوي لعام 2014 أن سلطات الأمن الصينية اعتقلت أكثر من 27 ألفًا من مسلمي الإيغور خلال سنة واحدة فقط”.

وتعكف الحكومة الصينية على تهجير الإيغور من تركستان وتوزيعهم في أقاليم مختلفة من البلاد، وذلك من أجل التغيير الديموغرافي وتذويب الأقلية الإيغورية في مناطق أخرى وتشتيت مناطق تجمعهم.

لماذا يقمع مسلمو تركستان الشرقية تحديدًا؟

كحال جميع الدول التي لا تدين بالديانة الإسلامية، تعمل الحكومات فيها على محاربة المسلمين ومعتقداتهم بكل وسيلة ممكنة، إلا أن للإيغور المسلمين سببًا آخر تحاربهم الصين من أجله.

تبلغ مساحة تركستان الشرقية (شينجيانغ) قرابة 1.6 مليون كيلومتر مربع، وتتميز بأهمية اقتصادية منقطعة النظير، إذ تضم أراضي الإقليم موارد طبيعية هائلة من أهمها المعادن والفحم الحجري والحديد والكروم والنحاس واليورانيوم، كما أنها تضم احتياطيًا نفطيًا كبيرًا.

وبحسب الخبير في الشؤون الصينية الصحفي “وليد مستجاب” فإن إقليم شينجيانغ يزود الصين بـ 80% من احتياجاتها من النفط، ويضيف أن التقديرات الدولية تشير إلى أن مخزون الإقليم من النفط يزيد على احتياطات المملكة العربية السعودية.

ليم تركستان الشرقية فيه 90% من مناجم اليورانيوم في الصين، فضلًا عن الفحم الحجري الذي يبلغ حجم الاحتياطات منه قرابة 600 ستمائة مليون طن، والذي ويمكن أن يكفي العالم ستين عامًا.

فيما تؤكد الباحثة “فتحية يحيى” على أن إقليم تركستان الشرقية فيه 90% من مناجم اليورانيوم في الصين، فضلًا عن الفحم الحجري الذي يبلغ حجم الاحتياطات منه قرابة 600 ستمائة مليون طن، والذي ويمكن أن يكفي العالم ستين عامًا، بحسبها.

ليس هذا فحسب، إذ إن الموقع الجغرافي لتركستان الشرقية كان سببًا في طمع الحكومة الصينية في محاولة تفريغه من المسلمين، إذ إن إقليم تركستان الشرقية يعد معبرًا بريًا يصل الصين بحقول النفط والغاز في قرغيزستان وآسيا الوسطى وما حولها.

واعتبر مراقبون للشأن الصيني أن القمع الذي تتعرض له أقلية الإيغور في إقليم شينجيانغ غرب الصين، حيث نصف السكان من المسلمين، قد تشكل عقبة بوجه مشروع بكين الضخم “طريق الحرير الجديد” والذي تطلق عليه الصين مشروع “طريق واحد– حزام واحد” أو “الطريق والحزام” والذي تسعى إلى إقناع العالم بأهميته الاقتصادية المحلية لدول المنطقة وأيضًا الدولية.

ويعد إقليم تركستان الشرقية (شينجيانغ) البوابة الطبيعية لطريق الحرير الجديد، ذلك المشروع الضخم القاضي بإقامة بنى تحتية تربط الصين بأسواقها التقليدية في آسيا وأوروبا وأفريقيا.

معسكرات اعتقال المسلمين في الصين

منذ عام 2016 دشنت الحكومة الصينية أعنف حملاتها ضد المسلمين من أجل إجبارهم على الرضوخ والخنوع، إذ قالت مجلة Business Insider الأمريكية في تقرير لها في شهر آذار/ مارس الماضي إن السبب الرئيس وراء اعتقال أكثر من مليون مسلم في الصين في معسكرات احتجاز هو مبادرة الحزام والطريق التي تدر دخلاً اقتصاديًا للصين يقدر بأكثر من تريليون دولار.

وبحسب المجلة الأمريكية، فإن إقليم شينجينانغ الذي تقطنه الأغلبية المسلمة يعد ممراً رئيساً لهذه المبادرة، وبالتالي تسعى الصين إلى تهجير المسلمين منه تمهيدًا لمبادرتها الاقتصادية الجديدة.

ويشير مراقبون للشأن الصيني إلى أن المعتقلين من الإيغور يفوق عددهم المليون، إذ تجبر السلطات السجناء على تعلم اللغة الصينية ومبادئ الحزب الشيوعي، لا بل وصل الحال بتخييرهم بين بقائهم في السجن أو الكفر بدينهم.

كما يتعرض الإيغور للرقابة بواسطة عشرات الآلاف من كاميرات التعرُّف على الوجوه وتطبيقات المراقبة على هواتفهم، وغالبًا ما تتم عمليات اعتقال الإيغور في الشوارع دون وجود أي أسباب واضحة.

يعاني سكان الصين من المسلمين، وخاصة من الإيغور من وضع مأساوي في محاولة لثنيهم عن دينهم، كل هذا يحدث وسط صمت إعلامي دولي واسلامي وعربي مطبق لا سابق له، فعلى الرغم من أن عدد المسلمين في العالم يزيد على المليار و400 مليون نسمة إلا أن أي دولة مسلمة لم تتحرك بشكل جدي للتخفيف من معاناة الإيغور أو مطالبة الحكومة الصينية بذلك.

شاهد هذا الفديو

إرسال تعليق

ياكريم نيوز | هو مواقع اخباري يهتم بالشان العربي والعالمي ينقل لكم الخبر كما هو
من مواقع اخر فتقع المسئولية الخبار علي المصدر

 
Top