0
كثرت على المسلمين والعرب المحن، وتعددت الابتلاءات؛ حتى إنها لتتوه فى زحمة البلايا وتوالى الجروح والانكسارات، فلم يكد أحد ليذكر أن اليوم السادس عشر من سبتمبر هى ذكرى مجزرة صابرا وشاتيلا، والتى ارتكبت بدم بارد من الصهاينة تجاه الفلسطينيين، ولكن تزول الدهشة ويستحى العجب إذ إن المتصهينين العرب باتوا أكثر دموية وسفكا لدماء إخوانهم من اليهود وصهاينة الموطن ولا أدل على ذلك من لسان الحال سوى المجازر التى ارتكبت وترتكب ليل نهار ضد مؤيدى الشرعية بمصر أمام الشاشات وعلى مرأى ومسمع من الجميع، ولكن المسلمين والعرب لا بواكى لهم.
وقعت مجزرة صبرا وشاتيلا بمخيم صبرا وشاتيلا الفلسطيني بعد دخول القوات الصهيونية (الإسرائيلية) الغازية إلى العاصمة اللبنانية بيروت، وإحكام سيطرتها على القطاع الغربي منها.
 وكان دخول القوات الصهيونية (الإسرائيلية) إلى بيروت في حد ذاته بمنزلة انتهاك للاتفاق الذي رعته الولايات المتحدة الأمريكية، والذي خرجت بمقتضاه المقاومة الفلسطينية من المدينة (1).

صبرا وشاتيلا..
فيما يلي نبذة عن كل من مخيمي صبرا وشاتيلا:

صبرا :
هو: اسم حي تابع إداريًّا لبلدية الغبيري في محافظة جبل لبنان، تحده مدينة بيروت من الشمال، والمدينة الرياضية من الغرب، ومدافن الشهداء وقصقص من الشرق، ومخيم شاتيلا من الجنوب.
يسكن الحي نسبة كبيرة من الفلسطينيين، لكنه لا يعد مخيمًا رسميًّا للاجئين، رغم ارتباط اسمه باسم شاتيلا؛ مما يولد انطباعًا بكونه مخيمًا.
تعود التسمية إلى عائلة "صبرا"، التي أطلق اسمها على شارع صبرا الذي يمر في قلب الحي، بادئًا في حي الدنا في منطقة الطريق الجديدة ببيروت، ومارًّا بساحة صبرا وسوق الخضار الرئيسي، ومنتهيًا عند مدخل مخيم شاتيلا. ويُسمى الشارع في المسافة بين ساحة صبرا وشاتيلا بآخر شارع صبرا.
شاتيلا :
أما شاتيلا، فهو: مخيم دائم للاجئين الفلسطينيين، أسسته وكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأنروا) عام 1949م؛ بهدف إيواء المئات من اللاجئين الذين تدفقوا إليه من قرى أمكا ومجد الكروم والياجور في شمال فلسطين بعد عام 1948م. يقع مخيم شاتيلا جنوب بيروت عاصمة لبنان..
فبعد مرور شهور على النكبة، ولما ازدادت الحاجة إلى وجود أمكنة للسكن - تبرع سعد الدين باشا شاتيلا بأرض له، تعرف منذ ذلك التاريخ حتى اليوم بمخيم شاتيلا، أرض المخيم نصفها مؤجَّر من قبل الأونروا، والنصف الثاني ملك لمنظمة التحرير الفلسطينية، والمخيم معروف بأنه المكان الذي حصلت فيه مذبحة صبرا وشاتيلا في سبتمبر 1982م، إضافةً لأحداث الحرب الأهلية اللبنانية عام 1982م، وحرب المخيمات بين عامي 1985م حتى 1987م.
لا تزيد مساحته عن كيلو متر مربع، ويسكنه أكثر من 12000 لاجئ، وبذلك يكون المخيم من أكثر المناطق كثافة بالسكان.
وفيه مدرستان فقط، ومركز طبي واحد. وتعاني ظروف الصحة البيئية في المخيم من سوء حاد؛ فالمساكن رطبة ومكتظة، والعديد منها تحتوي على قنوات تصريف مفتوحة. ونظام الصرف الصحي بالمخيم بحاجة إلى توسعة كبيرة؛ ويتم حاليًّا تنفيذ مشروع للبنية التحتية في المخيم؛ بهدف توسعة شبكة الصرف الصحي ونظام تصريف مياه الأمطار وشبكة المياه (2).

أيام مجزرة صبرا وشاتيلا :
وقد قام هؤلاء بعمليات قتل واغتصاب وتقطيع جثث طالت النساء والأطفال والشيوخ بصورة رئيسية، امتدت إلى مستشفى عكا وغزة القريبين؛ لتشمل طواقمهما من الممرضات والأطباء، إضافة إلى عائلات لبنانية تقيم في صبرا و"حرج ثابت" القريب.
في أيام الخميس والجمعة والسبت (16و17و 18 سبتمبر) من سبتمبر عام 1982م استيقظ لاجئو مخيمي صابرا وشاتيلا على واحدة من أكثر الفصول الدموية في تاريخ الشعب الفلسطيني الصامد، بل من أبشع ما كتب تاريخ العالم بأسره في حق حركات المقاومة والتحرير. في تلك المذبحة تحالف أعداء الإسلام من صهاينة وخونة، فانضم الجيش الصهيوني إلى حزب الكتائب اللبناني؛ ليسطروا بالدم صفحة من صفحات الظلم والبطش في مجزرة؛ لتصفية الفلسطينيين وإرغامهم على الهجرة من جديد.
صدر قرار مذبحة صبرا وشاتيلا برئاسة رافايل إيتان رئيس أركان الحرب الصهيوني، وأرييل شارون وزير الدفاع آنذاك في حكومة مناحيم بيجن.
بدأت مجزرة صبرا وشاتيلا في الخامسة من مساء السادس عشر من سبتمبر؛ حيث دخلت ثلاث فرق إلى المخيم كل منها يتكون من خمسين من المجرمين والسفاحين، وأطبقت تلك الفرق على سكان المخيم، وأخذوا يقتلون المدنيين قتلاً بلا هوادة؛ أطفالٌ في سن الثالثة والرابعة وُجدوا غرقى في دمائهم، حواملُ بُقِرَت بُطونهنّ، ونساءٌ تمَّ اغتصابهنّ قبل قتلِهِنّ، رجالٌ وشيوخٌ ذُبحوا وقُتلوا، وكل من حاول الهرب كان القتل مصيره!!
نشروا الرعب في ربوع المخيم، وتركوا ذكرى سوداء مأساوية، وألمًا لا يمحوه مرور الأيام في نفوس من نجا من أبناء المخيمين.
48  ساعة من القتل المستمر، وسماء المخيم مغطاة بنيران القنابل المضيئة..! أحكمت الآليات الصهيونية إغلاقَ كل مداخل النجاة إلى المخيم، فلم يُسمح للصحفيين ولا وكالات الأنباء بالدخول إلا بعد انتهاء المجزرة في الثامن عشر من سبتمبر، حين استفاق العالم على مجزرة من أبشع المجازر في تاريخ البشرية؛ ليجد جثثًا مذبوحة بلا رءوس، ورؤوسا بلا أعين، ورؤوسا أخرى محطمة!! ليجد قرابة 3000 جثة ما بين طفل وامرأة وشيخ ورجل من أبناء الشعب الفلسطيني، والمئات من أبناء الشعب اللبناني.
عمليات القتل التي كشف عنها النقاب صبيحة السبت تمت، حسب المعطيات المُجمَع عليها، بإشراف ثلاث شخصيات رئيسية هي: وزير الدفاع الصهيوني شارون، ورئيس الأركان رافائيل إيتان، ومسئول الأمن في القوات اللبنانية إيلي حبيقة.
وبينما استمرت المجزرة طوال يوم الجمعة وصباح يوم السبت، أيقظ المحرر العسكري الإسرائيلي رون بن يشاي أرييل شارون وزير الدفاع في حكومة مناحم بيجين؛ ليبلغه بوقوع المجزرة في صابرا وشاتيلا، فأجابه شارون ببرود "عام سعيد". وفيما بعد وقف "بيجين" أمام الكنيست ليعلن باستهانة "جوييم قتلوا جوييم... فماذا نفعل؟"؛ أي: (غرباء قتلوا غرباء.. فماذا نفعل؟).
وكانت مجزرة صبرا وشاتيلا تهدف إلى تحقيق هدفين؛ الأول: الإجهاز على معنويات الفلسطينيين وحلفائهم اللبنانيين، والثاني: المساهمة في تأجيج نيران العداوات الطائفية بين اللبنانيين أنفسهم.

عدد شهداء مجزرة صبرا وشاتيلا..
عدد الشهداء في مجزرة صبرا وشاتيلا لا يعرف بوضوح، وتتراوح التقديرات بين 3500 و5000 شهيد من الرجال والأطفال والنساء والشيوخ المدنيين العزل من السلاح، أغلبيتهم من الفلسطينيين، ولكن من بينهم لبنانيون أيضًا.
وحتى اللحظة لم يعرف الرقم الدقيق لضحايا مجزرة صبرا وشاتيلا، لكن فِرَق الصليب الأحمر جمعت نحو 950 جثة، فيما أشارت بعد الشهادات إلى أن العدد قد يصل إلى ثلاثة آلاف؛ لأن القتلة قاموا بدفن بعض الضحايا في حفر خاصة.
وقدّرت "بيان نويهض الحوت" في كتابها (صبرا وشاتيلا - سبتمبر 1982م)، عدد القتلى بـ 1300 نسمة على الأقل، حسب مقارنة بين 17 قائمة تفصل أسماء الضحايا ومصادر أخرى.
وأفاد الصحافي البريطاني روبرت فيسك أن أحد ضباط الميليشيا المارونية الذي رفض كشف هويته قال: "إن أفراد الميليشيا قتلوا 2000 فلسطيني".
أما الصحافي الصهيوني الفرنسي أمنون كابليوك، فقال في كتاب نشر عن المذبحة: "إن الصليب الأحمر جمع 3000 جثة، بينما جمع أفراد الميليشيا 2000 جثة إضافية؛ مما يشير إلى 3000 قتيل في المذبحة على الأقل.

لجنة كاهان..

في 1 نوفمبر 1982م، أمرت الحكومة الصهيونية المحكمة العليا بتشكيل لجنة تحقيق خاصة، وقرر رئيس المحكمة العليا إسحاق كاهان، أن يرأس اللجنة بنفسه؛ حيث سميت "لجنة كاهان".
وفي 7 فبراير 1983م أعلنت اللجنة نتائج البحث، ولقد اعترف تقرير لجنة كاهان الصهيونية بمسئولية بيجين، وأعضاء حكومته، وقادة جيشه عن هذه المذبحة؛ استنادًا إلى اتخاذهم قرار دخول قوات الكتائب إلى صبرا وشاتيلا، ومساعدتهم هذه القوات على دخول المخيم.
إلا أن اللجنة اكتفت بتحميل النخبة الصهيونية الإسرائيلية المسئولية غير المباشرة، واكتفت بطلب إقالة شارون وعدم التمديد لروفائيل إيتان رئيس الأركان بعد انتهاء مدة خدمته في إبريل 1983م. ورفض شارون قرار اللجنة، ولكنه استقال من منصب وزير الدفاع عندما تكثفت الضغوط عليه.
 وبعد استقالته تعين شارون وزيرًا للدولة (أي عضو في مجلس الوزراء دون وزارة معينة)(3).

مجزرة صبرا وشاتيلا تلاحق شارون..
بعد أن بثت هيئة الإذاعة البريطانية BBC في يونيو 2001م برنامجًا تناول احتمال محاكمته مجرم حرب، قام محامون متضامنون مع ضحايا مجزرة صبرا وشاتيلا بتحرك في بلجيكا؛ استنادًا إلى قانون "الاختصاص العالمي" المقر عام 1993م، والذي يسمح بملاحقة مجرمي الحرب.
يُذكر أن مسئولين صهيونيين نددوا ببرنامج تليفزيون هيئة الإذاعة البريطانية BBC يدرس احتمال محاكمة شارون، وقال المسئولون: "إن البرنامج الذي يُذاع اليوم منحاز ومعادٍ للسامية".
وبادرت الأخيرة إلى فتح تحقيق في القضية وسط ضغوط إعلامية على المتهمين؛ مما دفع "حبيقة" إلى إبداء الاستعداد للإدلاء بشهادته أمام المحققين البلجيكيين، بعد أن أعلن أن لديه من المعطيات ما سيغيِّر مسار الرواية التي أشاعتها تحقيقات لجنة كاهان.
لكن "حبيقة" ما لبث أن اغتيل مع أربعة من مرافقيه في 24 يناير 2002م في عملية تحمل على الأرجح بصمات الاستخبارات الصهيونية، وتعرضت المحاكمة لاحقًا للإجهاض بعد ضغوط صهيونية وأمريكية على بلجيكا؛ مما دفع الأخيرة لاحقًا لتعديل قانون الاختصاص العالمي(4).

إرسال تعليق

ياكريم نيوز | هو مواقع اخباري يهتم بالشان العربي والعالمي ينقل لكم الخبر كما هو
من مواقع اخر فتقع المسئولية الخبار علي المصدر

 
Top