0

انتشار حالات الانتحار في الأسابيع القليلة الماضية أصاب المجتمع المصري بصدمة كبيرة، فالمصريون يعتبرون المنتحر “كافرًا”، ويلحق بوصمة عار، إلا أن الظروف الاقتصادية التي تمر بها البلاد أغلقت أبواب الأمل في وجوه الكثيرين، الذين وجدوا أن الموت أفضل من الحياة بمصر.

شهر سبتمبر الماضي كان الأكثر في معدلات الانتحار، حيث شهدت الأسابيع الـ 5 الماضية 18 حالة انتحار، من بينهم ثلاث سيدات وطفلة، وسجلت محافظة المنيا في صعيد مصر 6 حالات لوحدها.

وكان انتحار فرج رزق أبرز الحوادث التي أقلقت مضاجع المصريين، حيث أوقف رزق سيارته على طريق مصر الإسماعيلية الصحراوي وقام بشنق نفسه في لوحة إعلانات، معلنًا عن عدم قدرته على تجاوز ضائقة مالية.

بينما أقدم مجنّد في القوات المسلحة، الاثنين الماضي، على الانتحار شنقًا في محافظة الأقصر، بسبب أزمة نفسية، بحسب التقارير.
الانتحار وضع مصر في المرتبة الـ 181 عالميًا، بينما جاءت في المرتبة الـ11 عربيًا وذلك بنسبة 1,7 حالة في كل 100 ألف، بحسب تقرير منظمة الصحة العالمية الصادر مؤخرًا بعنوان “منع الانتحار .. ضرورة عالمية”.

وترتفع معدلات الانتحار في مصر عامًا بعد عام، ففي دراسة أجرتها منظمة الصحة العالمية جاءت مصر في المركز 96 على مستوى العالم من حيث عدد الأفراد المقبلين على الانتحار، وكان ذلك في عام 1987 ثم جاء عام 2007 ليشهد 3708 حالات انتحار متنوعة من الذكور والإناث، وقد سجل المركز القومي للسموم التابع لجامعة القاهرة وقوع 2355 حالة انتحار بين الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 22 و23 عاما، طبقا للإحصائيات الرسمية.
وفي عام 2009 أظهرت دراسة بالمركز القومى للبحوث الاجتماعية أن هذا العام شهد محاولات للانتحار فى المدن والقرى المصرية بلغت 104 آلاف حاله تمكن 5 آلاف منهم من التخلص من حياتهم وأن الفئة العمرية الأكثر إقبالا على الانتحار هى ما بين 25 و40 عاما حيث تمثل النسبة الأكبر لانتحار الرجال وأن معظم حالات الانتحار يرجع إلى الظروف الاقتصادية وعدم القدرة على الإنفاق على الأسرة.

وتشير الدراسة إلى أن المرتبة الثالثة فى إحصائية المنتحرين جاءت ممثلة فى الفئة العمرية من 7 إلى 15 عاما وكانت البنات فى هذه المرحلة ثلاثة أمثال الأولاد المنتحرين.

ومنذ يناير 2011 وحتى عام 2014، شهد عالم الانتحار في مصر نقلة نوعية من حيث أعداد المنتحرين والأدوات المستخدمة في الانتحار، حيث رصد جهاز التعبئة والإحصاء 18 ألف محاولة انتحار، منها 3 آلاف لمن هم أقل من 40 عامًا، وبلغ المعدل السنوي خمس محاولات من أصل ألف شخص، وذلك بزيادة 12% عما كانت عليه عام 2010.

حاولت وسائل الإعلام الموالية للنظام الحالي التقليل من هذه الظاهرة أو تسميتها بـ “الانتحار الاستعراضي” لايصال رسائل سلبية من شأنها تهديد النظام الحالي مثلما فعل انتحار “بو عزيزي” مع نظام زين العابدين بن علي بتونس، والذي أشعل الثورة التونسية.

هذا في الوقت الذي يرجع فيه خبراء وسياسيون ارتفاع أعداد المنتحرين في مصر، إلى أزمات نفسية يعاني منها المنتحرون وتتصل بتفاقم الأزمات المعيشية، خاصة الفقر والبطالة، وفقدان الشباب الأمل في التغيير.

وبحسب دراسة للدكتور ياسر ثابت، نشرها في كتابه “شهقة اليائسين: الانتحار في العالم العربي” عام 2013، فإن الفئة العمرية الأكثر إقبالاً على الانتحار هي ما بين 15 و25 عاما، حيث تبلغ نسبتهم 66,6% من إجمالي عدد المنتحرين في كل الفئات، وتأتي بعد ذلك نسبة المنتحرين من المرحلة العمرية ما بين 25 و40 عاما، حيث تمثل النسبة الأكبر لانتحار الرجال، وترجع معظم حالات انتحار الرجال في هذه المرحلة العمرية إلى الظروف الاقتصادية وعدم القدرة على الإنفاق على الأسرة.

المرتبة الثالثة في إحصائية المنتحرين جاءت ممثلة في الفئة العمرية من 7 إلى 15 عامًا، وكانت البنات المنتحرات في هذه المرحلة ثلاثة أمثال الأولاد، وبلغت نسبة هؤلاء الأطفال المنتحرين 5,21% من إجمالي المنتحرين في مصر.

وتختلف طرق الانتحار بين النساء والرجال- بحسب دراسة د. ثابت- إذ إن 90% من النساء يستخدمن في انتحارهن الأقراص المنومة أو سم الفئران أو إلقاء أنفسهن من أماكن شاهقة أو في النيل، بالإضافة إلى لجوئهن إلى حرق أنفسهن.

أما الرجال في مصر فإنهم ينتحرون عادة بالشنق أو قطع شرايين اليد أو إطلاق النار على أنفسهم أو الحرق. وتختلف طرق الانتحار حسب الوضع الاجتماعي والأدبي، فالعاطلون يميلون إلى شنق أنفسهم، ورجال الأعمال يطلقون النار على أنفسهم، في حين يلجأ تلاميذ المدارس إلى قطع شرايين اليد أو الشنق.

والنظرة المدققة لخارطة مراكز الانتحار في مصر ستكشف أن القاهرة تأتى فى الترتيب الأول من عدد المنتحرين تليها الجيزة والإسكندرية وبورسعيد والسويس والغربية، وغيرها من المحافظات الساحلية والوجه البحري، في الوقت الذي تراجعت فيه معدلات الانتحار في محافظات الصعيد.

ورغم ذلك شهدت محافظات الصعيد خلال 6 أشهر الماضية فقط تحولا كبير، حيث سجلت 20 حالة انتحار منذ شهر مايو الماضي وحتى الآن.
يأتي هذا في الوقت الذي ارتفعت فيه معدلات الفقر في مصر، حيث وصلت الى نحو 40% من اجمالي عدد السكان، وذلك بحسب تقرير صادر للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء لعام 2013.

المصدر: المركز العربي للحقوق والحريات

 

إرسال تعليق

ياكريم نيوز | هو مواقع اخباري يهتم بالشان العربي والعالمي ينقل لكم الخبر كما هو
من مواقع اخر فتقع المسئولية الخبار علي المصدر

 
Top