0

قال تقرير لمجلة "انترسيبت" الأمريكية أن تحالف أصدقاء أمريكا العرب في مصر والخليج – الذي أسمته "التحالف غير المقدس" سوف سينهار تحت أقدام الثورة والحركات الديمقراطية الشعبية مثلما انهار تحالف أباطرة وملوك أوروبا الفاسدين الذين اتبعوا نفس الإجراءات القمعية ضد شعوبهم في القرن الـ 19، وانتهي أمرهم إلي القتل والمقصلة.
وقالت المجلة في تقرير نشرته اليوم الخميس تحت عنوان:THE MIDDLE EAST’S UNHOLY ALLIANCE أو "التحالف غير المقدس في الشرق الاوسط"، أن من يشار لهم باسم "المعتدلون"، أو "محور العقل"، أو أصدقاء أمريكا في المملكة العربية السعودية ومصر والكويت والإمارات العربية المتحدة، يجرون محادثات لتشكيل قوة عسكرية مشتركة، للتدخل في جميع أنحاء الشرق الأوسط، و"التعامل مع المتطرفين في المنطقة"، مستغلين الخطاب الأمريكي لمكافحة الإرهاب، في مرحلة ما بعد هجمات 11/9 ولتبرير سلوكهم الرجعي في مواجهة الانتفاضات الشعبية.
ونوهت لأن ما يقوم به هذا "التحالف المتناقض من الملكيات والديكتاتوريات العسكرية"، هو "تكرار لنفس الإجراءات القمعية، التي اتخذتها الدول الأوروبية في القرن الـ 19، عندما تصدت للحركات الشعبية، التي كانت تسعى إلى قلب النظام القائم، ومثلما حدث في ذلك الوقت، من المحتمل أن تكون النتائج الآن أيضًا مدمرة، وفي نهاية المطاف، غير مجدية"، وأنهار هذا التحالف الملكي الديكتاتوري.
تحالف ملكي عربي علي غرار القرون الوسطي
ففي أعقاب الاضطرابات العنيفة للثورة الفرنسية، اجتمعت الملكيات الأوروبية معًا في مؤتمر بيلنيتز عام 1791، لتعلن تأييدها للملك المحاصر لويس السادس عشر، ولتحذر الثوار من مخاطر إسقاطه، ولكن وبدلًا من خنق طموحات الثوار، اعتبر هذا الإعلان على نطاق واسع بمثابة استفزاز، وهو ما ساعد في انطلاق حروب الثورة الفرنسية المدمرة، وأدى أيضًا إلى إعلان الجمهورية الفرنسية الجديدة، الحرب على عدد من الممالك المجاورة.
وفي أعقاب هذه الحروب، وبعد هزيمة طموحات نابليون الإمبراطورية في القارة، اجتمعت إمبراطوريات النمسا وبروسيا وروسيا معًا، لتشكيل "التحالف المقدس"، في محاولة للحفاظ على الوضع السياسي الراهن، وخنق انتشار الأفكار الجمهورية، وأكد الموقعون على هذا التحالف، أن "الملوك الثلاثة، سيبقي توحدهم، أواصر الأخوة الحقيقية، التي لا تنفصم"، وتعهدوا بـ "تقديم كل العون والمساعدة لبعضهم البعض، واعتبار أنفسهم كالآباء تجاه رعاياهم وجيوشهم"، وهذه هي نفس اللغة (الأبوة والأخوة) التي تستخدمها الأنظمة العربية المستبدة، الان عند مناقشة علاقاتها مع بعضها البعض، كما أن الملوك العرب يستخدمون نفس لغة ملوك أوروبا البائدين بأنهم "أبطال العقيدة الدينية، في محاولة لحشد الدعم الشعبي".
وتقول "انترسيبت" أنه مثلما لعب هذا التحالف الملكي الأوروبي كقوة معادية بشكل كبير للثورة، وتدخل في إخماد الثورات الديمقراطية في أوروبا عام 1848، وتعزيز هياكل الحكومات الملكية الاستغلالية، ونجحت الملكيات في "التعامل مع المتطرفين"، في ذلك الوقت، من خلال استغلال التوتر بين الليبراليين ونظرائهم الثوريين الراديكاليين، بفعل ملوك الخليج حاليا.
وتضيف: "بينما نجحت هذه الجهود في إحداث الكثير من سفك الدماء في أوروبا، وترسيخ القمعية، والحكومات السلطوية لأجيال؛ إلا أنها فشلت في نهاية المطاف في تحجيم الحركات الديمقراطية الشعبية"، وعلى الرغم من أن ملوك الرجعية، قاموا بأفضل ما يمكنهم القيام به؛ إلا أن النظام القديم لقي حتفه في نهاية المطاف، حيث أرهقته عقود من سوء الحكم، والتوتر الشعبي، والصراعات المحلية، التي كانت تندلع على فترات متقطعة.
تحالف الشرق الأوسط سيفشل
وعلى الرغم من التحالفات العسكرية والإنفاق المالي الهائل من جانب التحالف العربي الجديد بين الملكيات والديكتاتوريات العسكرية، "من المشكوك فيه أن التحالف المقدس الحديث في الشرق الأوسط، سيكون قويًا بما يكفي لخنق رغبات الربيع العربي بالديمقراطية، حتى أجل غير مسمى" بحسب المجلة.
فهناك مزيج من الضغوط الديموجرافية والاقتصادية، التي من المرجح أن تقيد قدرة هذا التحالف على الاحتفاظ بالسيطرة على الأحداث الإقليمية، وربما حتى على السياسات الداخلية الخاصة بدوله.
تحالف أمريكا مع رجعيي العصر
ويشدد تقرير المجلة الأمريكية علي أن تحالف الولايات المتحدة اليوم، بشكل وثيق مع رجعيي هذا العصر ليس سوي تحالف لأغراضها الخاصة، ففي مواجهة انتصارات انتخابية حرة ونزيهة، حققتها جماعات، مثل جماعة الإخوان المسلمين، تميل الولايات المتحدة إلى عقلانية قرارها، والاصطفاف إلى جانب النظام القديم، باعتباره مدافعًا عن القيم الليبرالية، وهو ادعاء مضحك، نظرًا لتحالف أمريكا منذ فترة طويلة مع الدول الغير ليبرالية، مثل المملكة العربية السعودية، والدول البوليسية الوحشية، التي تلغي نتائج الانتخابات، ومن ثم تعذب وتقتل المتظاهرين العزل (مصر).
ويشدد التقرير علي أن "الولايات المتحدة ليس لديها أي هدف من سلوكها للحفاظ على الوضع الراهن في المنطقة، سوى أن هذا الوضع يوافق مصالحها"
 وكما أشار الباحث شادي حميد، من معهد بروكينجز، في وقت مبكر من عام 2011: " مخاوف الولايات المتحدة الحقيقية، هي حول السياسات الخارجية، التي قد تتبعها هذه الجماعات الاسلامية الفائزة في الانتخابات"
فهذه الحكومات الإسلامية المنتخبة "على عكس الأنظمة الاستبدادية الموالية للغرب في الشرق الأوسط"،  لديها تصور مميز، عن استقلالية العالم العربي واستعداده للتأثير خارج حدوده.
الديمقراطية تنتعش دون قمع
ويفند التقرير مزاعم عدم التزام الإسلاميين بتداول السلطة، قائلا: "خلافًا لمعظم التوقعات، أظهر الإسلاميون أنفسهم مستعدين جدًا للعب ضمن قواعد الديمقراطية، عندما لا يكونون خاضعين للسلطة القمعية، وفي تونس، وهي قصة نجاح كبيرة في سياق الانتفاضات العربية، عقدت مؤخرًا الانتخابات الديمقراطية، التي هزم فيها حزب النهضة المرتبط بالإخوان المسلمين، أمام المنافسين العلمانيين في نداء تونس؛ إلا أنه تم نقل السلطة سلميًا ووديًا، وهو ما يساعد على ترسيخ الممارسات الديمقراطية في البلاد، التي كانت لا تعرف من قبل سوى الحكم الاستبدادي فقط".
أما في مصر، فيقول تقرير "انترسيبت"، أن الانقلاب العسكري، المدعوم من الخليج، أزال بعنف حكومة ديمقراطية، ووقفت الولايات المتحدة للأسف مع النظام العسكري، حتى عند استمراره في شن حملة قمع وحشية، ضد ثوار ميدان التحرير السابقين.
والآن، وبعد أن نجحوا في كسر، وتهميش، وفي بعض الحالات جعل المعارضين لهم أكثر تطرفًا، تحاول دول مثل المملكة العربية السعودية ومصر، شن عمليات عسكرية لمواجهة المعارضين في جميع أنحاء المنطقة. ولكن، وتمامًا كما حدث للإمبراطوريات الأوروبية التي سبقتها، من المرجح أن الأنظمة الاستبدادية في الشرق الأوسط، سوف تكون هشة للغاية في المحافظة على سلامتها في وجه الحركات الديمقراطية الشعبية.
وتختم المجلة بتأكيد أن: "العديد من نفس الأنماط التي سادت في القرن 19 في أوروبا، تكرر نفسها في الشرق الأوسط اليوم، وبدلًا من الاعتماد على النظام القديم، الوحشي والفاسد على حد سواء، والذي ليس من المرجح أن يستطيع البقاء على قيد الحياة على المدى الطويل، ينبغي على الولايات المتحدة، اتخاذ موقف بعيد النظر ومبدئي، من خلال الالتزام بالتطلعات الديمقراطية في المنطقة".


إرسال تعليق

ياكريم نيوز | هو مواقع اخباري يهتم بالشان العربي والعالمي ينقل لكم الخبر كما هو
من مواقع اخر فتقع المسئولية الخبار علي المصدر

 
Top