عبد الناصر يأمر بضرب مظاهرات الطلاب بالطيران الحربي
* عرّاب الانقلاب يشرف على اعتقال نجيب واغتيال عامر وإعدام قطب
* خالد محيي الدين يعترف بضلوع عبد الناصر في تفجيرات "وسط البلد"
* السادات يقمع "انتفاضة الحرامية" ويعتقل عشرات الآلاف
* مبارك يدبّر تفجيرات القديسين.. ويضرب المعارضة بالمحاكم العسكرية
* المجلس العسكري يقتل المئات في محمد محمود وماسبيرو وبورسعيد ومجلس الوزراء
* السيسي يتفوق على أسياده في إرث الدم.. ويغتال الآلاف في رابعة والنهضة وأخواتها
«يا
سيد بقولك إن الإخوان دول هيتعمل فيهم اللى متعملش في الكام سنة اللى
جايين، هيتدبحوا هتطلع مليشيات تدبحهم في بيوتهم، هتخش عليهم بيوتهم تدبحهم
في سرايرهم، ومصر بقي هيغوص فيها إرهاب، ومحدش عارف مصدره أيه، اللى هصوته
هيعلي هيتدبح في سريره».
سيد -المنادى عليه في التسريب الذي خرج به
إعلام العسكر عبر قناة "العاصمة"-.. هو سيد البدوي رجل الأعمال ورئيس
مجموعة القنوات الفضائية وعضو جبهة الإنقاذ إبان حكم الرئيس مرسي وقبلهم
رئيس حزب الوفد، وللحق فالرجل لم يخرج لينفي ما جاء في الفيديو بقدر حرصه
على تبرئة قائد الانقلاب من التورط في تمريره إلى الإعلامي الأمنجي صاحب
الصندوق الأسود.
اعتراف البدوي بصحة ما جاء في التسريب مع هذا الكائن
الغامض، يؤكد أن مذابح الإخوان وصناعة الإرهاب وذبح المعارضة، معدة مسبقا
وفقا لمنهج مخابراتي، وإعداد أمني من قبل انتخاب الرئيس مرسي، ويثبت أن
الرجل الوفدي لم يكن يوما مناضلا أو صاحب مبدأ أو موقف وطني وإنما ترس فى
ماكينة النظام، وفرد في منظومة العسكر، حتى عندما حاول التقرب من الإخوان
إبان الانتخابات البرلمانية أو تودد إلى قيادات الجماعة من أجل حلم
الرئاسة، كان التحذير قاطعًا والرسالة قوية «اللى هصوته هيعلي هيتدبح في
سريره».
إذن هي سياسة العسكر على مر العصور.. دون تحريف أو تصريف..
وفقا للتطور الطبيعي لسيناريو الواقع السياسي، بل إن الجنرالات يتعاملون مع
المشهد بالعقلية الأمنية القمعية الفاشية نفسها التي تولدت مع انقلاب
يوليو 1952 وتوارثوها صاغرًا عن صاغر، ليطيحوا بكافة أشكال المعارضة ووأد
مقدمات الغضب الشعبي في مهده، وكان لهم الفضل وحقوق الملكية الفكرية في
تدشين مصطلحات "قلب نظام الحكم" و"الأمن القومي" وغيرهما من مسوغات القمع
وتكميم الأفواه وتكبيل الحريات.
ولا يفرق العسكر في معرض الحديث عن
مصالحهم الشخصية أو أطماعهم السلطوية بين تيار وآخر أو فصيل وثان، وإنما
تأتي الملاحقة على قدر صلابة كل طرف، فيتحرك بغريزة انتقامية في حملات
إبادة عرقية ضد الإخوان ويمارس التضييق على الشيوعيين ومن سلك مسلكهم
ويكتفي بإغلاق السبوبة في وجه أحزاب الكومبارس، وقد يكون الضحية من أصحاب
البدلة الكاكي من رفقاء الأمس، وما مشاهد إذلال نجيب وإقصاء أبو غزالة وذبح
الشاذلي وتكبيل عنان، وغيرهم عنا ببعيدة.
ولم يحتج العسكر لوقت طويل
للكشف عن هذا الوجه الإجرامي، فقرر التخلص مبكرًا من "واجهة" انقلاب 23
يوليو بوضع اللواء محمد نجيب قيد الإقامة الجبرية فى منفاه بمدينة المرج،
وأمعنوا في إذلاله "ناصر فسادات فمبارك" حتى مات في محبسه يتجرع ظلم الرفيق
وغدر التلميذ.
وفى سبيل تعبيد العسكر طريق السلطة والحفاظ على
الحكم، لم يتورع عن ارتكاب أبشع الجرائم وتبني الإرهاب وصناعته وشيطنة
الجميع وتحريك الرأي العام عبر أبواق موالية عميلة، والاعتداء على كافة
المؤسسات إذا لم تدر فى فلك البيادة.
تاريخ الجرائم العسكرية بحق
الشعب المصري عصية عن الحصر، ولكن يمكن المرور على أبرز المحطات الفاشية،
والحديث عن تلك التى تمس المواطن بشكل أساسي، وليس المتعلقة بالعمالة
والخيانة والتخاذل، لذلك لن تجد هنا تنازل ناصر عن السودان وغزة وخسارة
سيناء، أو تفريط السادات فى القضية العربية عبر "كامب ديفيد"، أو عمالة
مبارك للاحتلال الإسرائيلي وأمريكا، وانتهاء بتنازل السيسي عن حق مصر
التاريخي فى مياه النيل بـ"وثيقة الخراب"، وإهدار ثروة مصر في البحر
المتوسط.
من أهم المحطات التي أعقبت استيلاء العسكر عن الحكم، كانت
المحاكم العسكرية والتي لاحق بها عبد الناسر آلاف المعارضين وعلى رأسهم
أعضاء جماعة الإخوان، عبر قضايا ملفقة، وأهمها تمثيلية حادثة المنشية،
فكانت المحصلة إعدامات بالجملة طالت رموز الفكر والأدب وعلماء الإسلام
والأحرار، منهم عبد القادر عودة وسيد قطب وغيرهما، واعتقالات لـ عشرات
الآلاف من مناهضي حكم الانقلاب وذبحهم بالتعذيب والاغتصاب.
وربما
يحتاج الأمر إلى أن نعود بالذاكرة قليلا من أجل إيجاد تأصيل كيف مرر العسكر
تلك الممارسات بذات المنهج المتبع اليوم وباستخدام الفكر التفجيري المتعفن
لدى الانقلاب وقواده.
ففي مذكرات خالد محيي الدين -أحد الضباط
الأحرار- كشف أن قائد انقلاب يوليو 52، جمال عبد الناصر طلب من أعضاء مجلس
الثورة تكوين تنظيم سري للتخلص من الإخوان والشيوعيين وطبقة الباشوات
"الرجعية".
واعترف محيي الدين في كتابه «الآن أتكلم» أن عبد الناصر
هو الذي دبر الانفجارات الستة التي حدثت في الجامعة وجروبي ومخزن الصحافة
بمحطة سكة حديد القاهرة، وهو الأمر الذي كشفه ناصر بنفسه في جلسة جمعته مع
عبداللطيف البغدادي وكمال حسين وحسن إبراهيم، معللا تفجيراته المصطنعة
لإثارة مخاوف الناس من الديمقراطية، وللإيحاء بأن الأمن سيهتز، وأن الفوضى
ستسود إذا مضوا في طريق الديمقراطية، وأن تلك التفجيرات وما تبعها من أحداث
مفتعلة كلفته 4 آلاف جنيه.. وهي الرواية التي أكدها البغدادي في مذكراته.
ولن
ينسى التاريخ عبارة «اضربوا الطلبة بالطيران» التي قالها عبد الناصر في
أمر مباشر لقائد القوات الجوية لوأد مظاهرات الطلبة في عام 68، التي خرجت
واشتعلت بالقاهرة وحلوان والإسكندرية اعتراضًا على التقصير في محاكمة
المتسببين في نكبة سلاح الطيران صباح الخامس من يونيو.
وحاصر
البكباشي المدن الغاضبة وسحل أهلها -في مشهد يمكن أن تراه معادًا في دولة
السيسي- حتى حصر المؤرخون مقتل قرابة 100 ألف مصري في عهد عبد الناصر جراء
الممارسات الفاشية دون حساب قتلى الجيش في مغامرات اليمن وحرب 56، ونكسة
67، ثم كانت قمة الغدر عندما أشرف على اغتيال صديق عمره عبد الحكيم عامر
عندما تنازعا على السلطة على جثة الوطن المهزوم.
ولم يكن أنور
السادات أفضل حالا من أستاذه وعراب الاستبداد في بلاد الشرق، فقمع رجل
الحرب والسلام مظاهرات الخبز، واستكبر أن يخرج الشعب المصري من أجل قوت
أولاده فأسماها "انتفاضة الحرامية" وأصدر أوامره بالضرب بقوة.. فكانت
المحصلة إصابات بالجملة واعتقال الآلاف في زنازين العسكر. وبعد أن باع
«الرئيس المؤمن» القيم والقضية والأرض ليحظى بـ"شرف" كونه أول رئيس يعترف
بالكيان الصهيوني ويزور الأرض المحتلة ويخطب في الكنيست، ويوقع انفاقية
الخذلان في كامب ديفيد على دماء الجنود وأشلاء الأسرى التي لا تزال عالقة
في مجنزرات الصهاينة التي دهستهم بدم بارد، وتجاهل نداءات "لا تصالح"..
واعتبر أن كل الدماء سواء، وأن تثبيت جوهرتين بدلا من عينيه لن يغير من
الواقع شيء، طالما ضمن العسكر مصالحهم مع السيد الأمريكي، وهنا تفرغ لكبت
الشعب وضرب قوى المعارضة بعضها ببعض، قبل أن يخرج ليشتم المشايخ على الهواء
في سابقة، بل حاصر بابا المسيحيين، وبات وحده كل السلطات حتى جاءت نهايته
على يد جنوده من العسكر في احتفالات نصر أكتوبر.
أما مبارك -الذي جاء
على جثة السادات، وربما بمشاركة في دمه، وفقا لاتهامات ابنة الراحل- فلم
يحد عن طريق سابقيه، ففتح المعتقلات على مصرعيها، وسحل المجندين في انتفاضة
الأمن المركزي، ولفق القضايا في "سلسبيل" و"الوعد" وغيرهما، ودارت المحاكم
العسكرية فى عهده بأقصى طاقتها.
ونجح المخلوع مبارك طوال فترة
رئاسته في تسكين الحراك الطلابي، وتقويض التيار الإسلامي بقضايا وأحكام
مفبركة -تحت ذريعة محاربة الإرهاب في التسعينيات- إلا أنه ومع تقدمه في
العمر، ورغبته الجامحة في بقاء الحكم في آل مبارك وتوريث نجله جمال، نبتت
بذرة النضال مجددا وظهرت حركات "كفاية" و"6 إبريل" و"الجمعية الوطنية
للتغيير" مع استمرار نضال الإخوان المسلمين والتيار الإسلامي ضد الطاغية.
واكتساب التيار شعبية كاسحة في ربوع الوطن كشف عنها برلمان 2005.
ولأن
النظام العسكري لا يرغب في سحب الحكم من تحت بيادته، ولأن العقلية الدموية
لا تتجدد ولا تستحدث من العدم، قرر نظام المخلوع وذراعه الأمني حبيب
العادلي تدبير تفجيرات كنيسة القديسين في الإسكندرية، من أجل ذرع الفتنة
الطائفية بين أبناء الوطن، وقام باتهام الشاب سيد بلال بالتفجير، وتم قتله
تحت وطأة التعذيب، لإلصاق التهمة بالتيار الإسلامي وخلق فزاعة عند الشعب.
وكاد
هذا التفجير وفاعله الحقيقي أن يمر دون فضحه لولا ثورة 25 يناير التي كشفت
المستور. وفي أعقاب الثورة المجيدة -وربما الوحيدة في تاريخ مصر- دبر
العسكر لحماية مصالحه وتأمين خروج مبارك.
مجازر حصدت أرواح المئات في
محمد محمود ومجلس الوزراء وماسبيرو وبورسعيد وغيرها في كافة الميادين، حتى
هيأ الطريق إلى الاستحواذ على السلطة وخلق فزاعات الطرف الثالث والإرهاب
من الاتهامات المعلبة.
وفي أعقاب انقلاب يوليو 2013 -وكأن يوليو شهر
انقلابات مصر- وخيانة السيسي لقائده العام للقوات المسلحة، قرر العسكر
تمرير الانقلاب في صورة «شيك» والاستعانة برجل «صامت» كان دوره في سيناريو
المشير أن يلعب دور «الطرطور» لحين تسليم السلطة في صورة تبدو ديمقراطية..
وللحق أجاد الرجل دوره بامتياز، إلا أنه كان لا بد من وضع بعض الرتوش
للمشهد حتى يبدو وكأن القائد مهيب الركن أنقذ مصر من حكم الدواعش، وأن مصر
كانت «هتبقى زي سوريا والعراق».
فكانت البداية في مجزرة رابعة
العدوية والنهضة.. وتدبير حرق الكنائس وأحداث العنف، وللعجب أن الكنائس
تحرق دون إصابة القساوسة أو الراهبات أو الأمن الخارجي -وهو من الداخلية-
أو الأمن الداخلي من أبناء الكنيسة، وكأن الأرهاب الأسود يخطر القساوسة
مسبقا بموعد الحريق حفاظا على سلامتهم.
تاريخ من المجازر والمذابح
والدماء والمؤامرات والخيانة هي الهوامش التي سيطرت على تاريخ العسكر منذ
60 عاما وعلى مر تاريخهم الفاشي، حتى فضح العسكر نفسه في تسريب على رءوس
الأشهاد بتدبير الإرهاب وحصد المعارضين وذبح التيار الإسلامي -الفصيل
الأكبر- في الشارع من الوريد إلى الوريد في أسرتهم.. فلا نامت أعين
الجبناء.
إرسال تعليق
ياكريم نيوز | هو مواقع اخباري يهتم بالشان العربي والعالمي ينقل لكم الخبر كما هو
من مواقع اخر فتقع المسئولية الخبار علي المصدر