0

إن الفوضى السياسية والأخلاقية المتعمدة والأحداث الجارية والأوضاع الحالية بمصر أصبحت معقدة بدرجة كبيرة وملفتة للنظر، ويمكنني القول أنه كلما تداخلت وتشابكت الأمور مع بعضها البعض وإزدادت تعقيداً؛ كلما إتضحت الأمور أكثر وتمايزت في بيان الحق والباطل لكل ذي عقل وبصر وبصيرة، إلا أن مُفتعِل هذه التعقيدات من الدول الأعداء وعلى رأسهم أمريكا وإسرائيل يبذلون قصارى جهدهم في تعمدهم لفت أنظار العامة من الناس عن الحق والحقيقة؛ بمساعدة سحرة ما يطلق عليهم إعلاميون مع عملائهم بالداخل النخب الضالة المسعورة الذين باعوا أنفسهم وضمائرهم بثمن بخس.

والهدف من ذلك هو إغراقنا في مشاكل فرعية متنوعة ومتتالية يتم إفتعالها عن قصد؛ حتى يتمكنوا من فرض أي من البدائل المتاحة لديهم في ضوء المتغيرات والمستجدات على أرض الواقع لتحقيق هدفهم الإستراتيجي؛ وهو ضمان التحكم والسيطرة على السلطة الحاكمة بغض النظر عن شخص الحاكم أو هُويته، بالتأكيد هم كانوا يَسعْون لتنصيب المدعو عبد الفتاح السيسي حاكماً للبلاد بعد الإنقلاب؛ إلا أن مخططهم قد باء بالفشل أمام الصمود التاريخي للشعب المصري (المحترم) الذي دائماً ما يبهرنا بأصالته؛ بقيادة الإخوان المسلمين الذين نراهم دائماً يتقدمون الصفوف الأولى في المحن والشدائد ويتوارون عن الأنظار في المنح والرخاء وينسبونه لغيرهم، والصراع الدائر الآن بين أمريكا وإسرائيل هو على كيفية تعديل وتصحيح مسار خطة الإنقلاب الفاشلة؛ بما يحقق الخطة الإستراتيجية الأم، فإسرائيل تريد أن تسير في مسار إستكمال الخطة بتنصيب السيسي رئيساً؛ وأمريكا ترى عكس ذلك.

المسار الأول الذي تريده إسرائيل : إذا ما تم ـ وهو ما أستبعده وإن كان قائماً ـ فبعد عملية إستفتاء العبث والدجل؛ الذي تم تمريره بالتزوير دون إرادة الشعب، فستأتي إنتخابات الرئاسة أولاً على خلاف خارطة الطريق وما ورد بالإعلان الدستوري، ثم يتم التطبيل للسيسي في الإعلام المأجور، ثم يتولى الرئاسة إستكمالاً لعمليات التزوير الفجة، ثم تزوير إنتخابات مجلس الشعب، ثم تعيين حكومة مزورة، ثم في نهاية الأمر سيفشل السيسي لأسباب عديدة منها : (ضعف شخصيته، عدم الثقة بالنفس، عدم قدرته في السيطرة على الأمور بل وسهولة السيطرة عليه، ثقافته المتدنية)، وصفة واحدة من هذه الصفات كفيلة لإفشال أي رئيس منتخب وليس مزوراً، إضافة لذلك كله أنه لا يملك من أمره شيئاً ويتم تحريكه من إسرائيل قبل أمريكا، وخلال تلك المراحل ستكون هناك مذابح ومجازر عنيفة في البلاد ولن يتحقق أي إستقرار في البلاد بل ستتأزم لدرجة فوضى عارمة لا يمكن السيطرة عليها، وهذا ما تخشاه أمريكا لما يترتب على ذلك من أخطار كارثية، حيث أنها ترغب في فوضى وعدم إستقرار بشرط إستطاعتها التحكم في ذلك.

المسار الثاني الذي تريده أمريكا : عدم ترشيح السيسي للرئاسة؛ الإتيان بشخص (مُدجن) يؤيده السيسي نفسه، ثم تقوم أذنابها الداخلية بالتأييد من كتائب الخونة من إعلام ونخبة ورجال أعمال وحقوق إنسان وقضاة الفساد؛ كل هؤلاء سيعزفون نغمة نشاز واحدة لسيمفونية الخيانة، ثم يتم التزوير ليتولى الرئاسة، ثم مجلس شعب مزور، ثم تعيين حكومة مزورة مع إستبعاد السيسي من وزارة الدفاع!! ليتولاها زميل له قد درس بأمريكا أيضاً، وبذلك إخراج السيسي من المشهد نهائياً (لعدم قبوله من أغلبية الشعب المصري)، ولن يراه أو يسمع عنه أحد إلا بعد مغادرته البلاد لإنتهاء دوره في مسلسل الخيانة، ثم تبدأ في الظهور الحركات المختلفة (أدوات الدول الأعداء المؤيدون “لثورة” 30 06 2013م!!) ممن يطلقون عليها حركات ثورية شبابية أصحاب مقولة (لا عسكر ولا إخوان)؛ وهم : 6إبريل، على إشتراكيين ثوريين، على حركات أخرى، وجميعهم مرتزقة (أبِّجني تَجدني)، ثم تبدأ الهتافات ضد نظام الحكم الجديد؛ يطالبون بإسقاط النظام القائم وعزف أغنية العيش والحرية والكرامة الإنسانية؛ لتظل مصر في دوامة من عدم الإستقرار، ونبدأ من الصفر وهكذا تتكرر المشاهد المملة في القصة البائسة المؤسفة بنفس الممثلين الفاشلين.

وأود أن أشير هنا بأن السيسي ليس حريصاً على حكم البلاد كما يتصور البعض؛ وإنما كل حرصه هو والدول الأعداء وعلى رأسهم أمريكا وإسرائيل خراب البلد؛ وبالأساس القضاء على الإسلام؛ وهو دائماً بإنتظار الأوامر التي تصدر إليه لتنفيذها. ومما سبق يتبين لنا أن نهاية أي من المسارين هو كارثة بكل المقاييس؛ فوضى وعدم إستقرار مع إنهيار إقتصادي؛ بما يحقق خطة (كونداليزا رايس) من الفوضى المخططة المنظمة التي يطلقون عليها (الفوضى الخلاقة)؛ ليتحقق من ورائها مزيداً من الضعف والإنهيار للدولة، ويظل الوضع على هذا النحو لسنوات وسنوات يتم خلالها الترسيخ للفتن الطائفية (بتعاون من الكنيسة)، ومن ثم يتم فرض إرادة الدول الأعداء والوصاية على البلاد حتى تأتي اللحظة المناسبة للقيام بعملية التقسيم للأسف بأيادي خونة يحملون الجنسية المصرية حتى نقول لهم (تسلم الأيادي!!)، وبذلك يتحقق الهدف الأخير من الخطة الإستراتيجية طويلة المدى (الأم) للدول الأعداء، ويتحول أكبر بلد إسلامي في الشرق الأوسط إلى دويلات صغيرة تظل تتصارع وتتناحر مع بعضها البعض، والسودان خير دليل وما يحدث في جنوبها الآن بعد التقسيم.

وبناء على ما تقدم يتضح لنا أن (الفوضى الخلاقة) المتعمد صُنعها في البلاد هي ليست هدفاً نهائياً مقصودةً لذاتها؛ وإنما هي خطة فرعية (تكتيك) تمهيداً لتقسيم البلاد لتتحقق بذلك الخطة الإستراتيجية الأم كما سبق الإشارة والتي تسعى أمريكا وإسرائيل لتحقيقها. إذن ما هو الحل الذي يتعين على كل مصري شريف مسلم أو مسيحي أن يفعله لمواجهة هذه الأخطار الكارثية التي نرى بعضها يتحقق؟ ما هو الحل إذا ما تم تنفيذ أحد المسارين أو كلاهما على التولي؟ ما هو الحل للحفاظ على الدولة موحدة متماسكة دون تقسيم؟ ما الحل للحفاظ على هُوية مصر الإسلامية الحاضنة لجميع الأديان السماوية؟ الحل هو : فيما أراه يتمثل في مسارات متوازية أذكر منها المسارات الرئيسة منعاً للإطالة :

المسار الأول : رسالة قوية إلى مشايخ السلطان وفضحهم وتكرار فضائحهم على مواقع التواصل الإجتماعي وفي الفضائيات المحترمة كلما أمكن ذلك (التكرار مهم)، وقد سبق أن كتبت مقالة لمشايخ الطغيان الداعمين لكافة الأعمال الإجرامية التي تصدر من الإنقلابيين، وذلك تحت عنوان (حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا) الرابط في نهاية المقال.

المسار الثاني : يتعلق بالمصريين المسيحيين الشرفاء أمثال : (د.رفيق حبيب، هاني سوريال، رامي جان، مايكل سيدهم، نيفين ملك، وغيرهم كُثر)؛ أن يقومون بإنذار بابا الكنيسة تواضرس لأن يغسل يديه الآثمة الملطخة بدماء المصريين هو والقساوسة المتطرفين، وألا يجعلوا من الكنيسة حزباً سياسياً طائفياً الذي سيؤدي في نهاية الأمر إلى إقتتال ومخاطر تقسيم البلاد، ويطالبونهم بالعودة إلى الكنيسة والتمسك بتعاليم المسيح (سيدنا عيسى عليه السلام) وما ورد في الإنجيل الذي يُحرِم عليهم أفعالهم وتصريحاتهم الطائفية، أن يذكرونهم بما جاء في الإنجيل من تعاليم إذا نسوا أو تناسوا ما ورد فيه : [إنجيل مَتَّى؛ الأصحَاحُ الثَّانِي وَالْعِشْرُونَ : (21... «أَعْطُوا إِذًا مَا لِقَيْصَرَ لِقَيْصَرَ وَمَا ِللهِ ِللهِ»]، وأن يكفوا عن تأييدهم لما فعله ويفعله السفاح السيسي، ويذكرونهم أيضاً بأن الدين المسيحي كأي دين سماوي يحض على التسامح والمحبة والتعاون مع الآخرين؛ ألم يفهموا ما ورد في الإنجيل وما حثهم عليه : [إنجيل مَتَّى؛ الأصحَاحُ الْخَامِسُ : ( 38«سَمِعْتُمْ أَنَّهُ قِيلَ: عَيْنٌ بِعَيْنٍ وَسِنٌّ بِسِنٍّ. 39وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: لاَ تُقَاوِمُوا الشَّرَّ، بَلْ مَنْ لَطَمَكَ عَلَى خَدِّكَ الأَيْمَنِ فَحَوِّلْ لَهُ الآخَرَ أَيْضًا. 40وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يُخَاصِمَكَ وَيَأْخُذَ ثَوْبَكَ فَاتْرُكْ لَهُ الرِّدَاءَ أَيْضًا. 41وَمَنْ سَخَّرَكَ مِيلاً وَاحِدًا فَاذْهَبْ مَعَهُ اثْنَيْنِ. 42مَنْ سَأَلَكَ فَأَعْطِهِ، وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَقْتَرِضَ مِنْكَ فَلاَ تَرُدَّهُ.)].

أنصحوهم قبل فوات الأوان وقولوا لهم إن أقوالكم وأفعالكم ستكون سبباً لإشعال نار الفتنة في البلاد التي ستحرق الأخضر واليابس وأغصان الزيتون، قولوا لهم أين أنتم من الشجرة وثمارها؟ أتريدون أن تكونوا ثماراً جيدة أم ثماراً رَدِيَّا؟ أين أنتم من الكلمة الطيبة الصالحة؟ أتريدون أن تكونوا من الكنوز الصالحة أم الشريرة؟ حذروهم من كلامهم الباطل الذي يُدِينَهم أو يَبَرَّهم يوم الدين يوم الحساب. [إنجيل مَتَّى؛ الأصحَاحُ الثَّانِي عَشَرَ : (33اِجْعَلُوا الشَّجَرَةَ جَيِّدَةً وَثَمَرَهَا جَيِّدًا، أَوِ اجْعَلُوا الشَّجَرَةَ رَدِيَّةً وَثَمَرَهَا رَدِيًّا، لأَنْ مِنَ الثَّمَرِ تُعْرَفُ الشَّجَرَةُ. 34يَا أَوْلاَدَ الأَفَاعِي! كَيْفَ تَقْدِرُونَ أَنْ تَتَكَلَّمُوا بِالصَّالِحَاتِ وَأَنْتُمْ أَشْرَارٌ؟ فَإِنَّهُ مِنْ فَضْلَةِ الْقَلْب يَتَكَلَّمُ الْفَمُ. 35اَلإِنْسَانُ الصَّالِحُ مِنَ الْكَنْزِ الصَّالِحِ فِي الْقَلْب يُخْرِجُ الصَّالِحَاتِ، وَالإِنْسَانُ الشِّرِّيرُ مِنَ الْكَنْزِ الشِّرِّيرِ يُخْرِجُ الشُّرُورَ. 36وَلكِنْ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ كُلَّ كَلِمَةٍ بَطَّالَةٍ يَتَكَلَّمُ بِهَا النَّاسُ سَوْفَ يُعْطُونَ عَنْهَا حِسَابًا يَوْمَ الدِّينِ. 37لأَنَّكَ بِكَلاَمِكَ تَتَبَرَّرُ وَبِكَلاَمِكَ تُدَانُ»)].

المسار الثالث : لكل المصريين الشرفاء مسلمين ومسيحيين لابد من إستمرار الحشد والمسيرات، مع التصاعد التدريجي للحراك الثوري بتخريب وتجريد الإنقلابيون من الأدوات والعربات التي يستخدمونها في القتل والحرق، التكاتف والثبات لمواجهة القتلة المجرمين الذين لا يلقوا بالاً إلى حرمة الدماء بمقاومة سلمية (مشروعة) كمقاومة أي إحتلال يقتل الأبرياء؛ غاصب للسلطة؛ مغتصب النساء؛ فاسق عن حدود الله؛ فقد قال سيدنا محمد صل الله عليه وسلم في الدفاع الشرعي عن النفس قال : (من قتل دون ماله فهو شهيد، ومن قتل دون أهله فهو شهيد، ومن قتل دون دينه فهو شهيد، ومن قتل دون دمه فهو شهيد). “فهرس النسائي وغيره”)]. وفي حديث آخر [(جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال: يا رسول الله! أرأيت إن جاء رجل يريد أخذ مالي؟ قال "فلا تعطه مالك" قال: أرأيت إن قاتلني؟ قال "قاتله" قال: أرأيت إن قتلني؟ قال "فأنت شهيد" قال: أرأيت إن قتلته؟ قال "هو في النار") فهرس مسلم ـ كتاب الإيمان)].

وإستكمالاً للمسار الثالث أوصيكم ونفسي بتقوى الله؛ وتجديد النية لأن تكون في سبيل الله، (وعدم اليأس) فإن نصر الله قريب فلا تستعجلون، نحن نأخذ بالأسباب التي أمرنا الله أن نأخذ بها، فعلى المرء أن يسعى وليس عليه إدراك النجاح، فما هو مُقدَّر سيكون رغم أنف من في الكون، فقد أوصانا الله سبحانه وتعالى بعدم اليأس مع وعده لنا بالنصر حيث قال العلي القدير : [(حَتَّى إِذَا اسْتَيْئَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ وَلَا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ (110) لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (111)) سورة يوسف].

إرسال تعليق

ياكريم نيوز | هو مواقع اخباري يهتم بالشان العربي والعالمي ينقل لكم الخبر كما هو
من مواقع اخر فتقع المسئولية الخبار علي المصدر

 
Top