كشف أعضاء في حكومة مصر المنتخبة اليوم أنهم تقدموا يوم ٢٠ من ديسمبر الماضي بشكوى رسمية لدى المحكمة الجنائية الدولية ضد "منفذي الانقلاب" بتهمة ارتكاب جرائم حرب في مصر. جاء ذلك في مؤتمر صحفي عقد اليوم في العاصمة البريطانية لندن حضره خبراء في القانون الدولي. وقال فريق المحامين إنه أرفق الشكوى بنص الفقرة ١٢ (٣) من إعلان نظام روما الذي يمنح المحكمة الجنائية الدولية صلاحية البت في حالة مثل الحالة المصرية.
ويسمح التقدم بهذه الشكوى من قبل حكومة مصر (المنتخبة ديمقراطياً) لمدعي المحكمة الجنائية الدولية التحقيق في الادعاءات بأن جرائم ضد الإنسانية قد ارتكبت من قبل النظام العسكري بعيد انقلاب يوليو/تموز الماضي ضد أول حكومة منتخبة ديمقراطياً في مصر. وقد نجم عن ذلك الانقلاب اعتقال الرئيس وأعضاء الحكومة المصرية، والاستخدام المفرط للقوة لتفريق المدنيين الذين احتشدوا للاحتجاج على الانقلاب مما أدى إلى مقتل ما لا يقل عن ألف مدني وأصيب عدد أكبر من ذلك بجراح خلال العملية.
ومنذ ذلك الوقت، حاول النظام العسكري تعزيز وضعه من خلال قمع كافة أنواع النشطاء المدافعين عن الديمقراطية والمعترضين على الانقلاب كما حظر الاحتجاجات وصنف جماعة الإخوان المسلمين منظمة إرهابية.
وفي إثر ذلك بادر حزب الحرية والعدالة المصري وأعضاء من مجلس الشورى بتكليف فريق قانوني دولي لتقديم المشورة فيما يتعلق بالاعتقال غير المشروع لأعضاء الحكومة ولفتح باب التحقيق في الأعمال الإجرامية التي ارتكبها النظام العسكري.
وقال مصدر مقرب من حكومة الرئيس محمد مرسي لشبكة رصد ان المحامي البريطاني طيب علي يقود فريقا قانونيا يضم مدير الادعاء العام السابق في بريطانيا المحامي اللورد كين مكدونالد، والمحامي الدولي والمقرر الخاص السابق لدى الأمم المتحدة لشؤون حقوق الإنسان مواطن جنوب أفريقيا البرفسور جون دوغارد، ومحامي حقوق الإنسان الشهير مايكل مانسفيلد، وخبير جرائم الحرب والقانون الجنائي المحامي ستيفين كامليش والمحامي البارز خبير المحكمة الجنائية الدولية رودني ديكسون.
وقال الخبير القانوني بالمحكمة الجنائية الدولية رودني ديكسون في المؤتمر الصحفي إن الفريق القانوني استعان بسابقة قانونية في ساحل العاج حيث تقدمت الحكومة المنتخبة هناك بشكوى ضد منفذي الانقلاب. وأوضح ديكسون أن ما حدث في مصر مشابه لما حدث في ساحل العاج مما يعزز القضية في محكمة الجنايات الدولية.
وكان الفريق القانوني قد تقدم في نوفمبر (تشرين الثاني) ٢٠١٣ بما تمكن من جمعه من أدلة خلال التحقيقات التي قام بها والتي أثبتت بشكل مبدئي أن العسكر والشرطة والأعضاء السياسيين في النظام (الانقلابي) قد ارتكبوا جرائم ضد الإنسانية بحق المدنيين المصريين الذين احتجوا ضد الانقلاب.
وتتضمن الشكوى بحسب الفريق القانوني "أدلة مفصلة ودامغة على ارتكاب النظام العسكري لأعمال إجرامية تتضمن القتل والاعتقال غير المشروع والتعذيب والتنكيل بمجموعة معينة من الناس والاختفاء القسري للأفراد وغير ذلك من الممارسات غير الإنسانية والتي قصد من خلالها التسبب في المعاناة الهائلة أو إحداث أضرار بليغة بدنية أو نفسية. يتبين من الأدلة المقدمة أن مثل هذه الأعمال المدعاة واسعة الانتشار وتجرى بشكل منتظم".
وعرض الفريق القانوني في المؤتمر الصحفي شرحا مفصلا لما أنجزوه حتى الآن من عمل انتهى بتقديم الشكوى للمحكمة الجنائية الدولية. وصرح الخبير القانوني رودني ديكسون بأنه يتوجب على المحكمة الجنائية فتح التحقيق في الادعاءات بالغة الخطورة بشأن الجرائم الدولية، وبأنه ينبغي عليها أن تقوم بذلك بدون أي تأخير. وقال: "لدى المحكمة الجنائية الدولية فرصة نادرة تتيح لها المساهمة في وقف الجرائم التي ترتكب ضد المدنيين في مصر. بإمكان مدعي عام المحكمة الجنائية الدولية من خلال البدء بإجراءات التحقيق توجيه رسالة واضحة مفادها أن أعمال القتل والانتهاكات لن يفلت مرتكبوها من المساءلة والعقاب."
من جانبه قال المحامي طيب علي بأنه تلقى "دليلاً دامغاً" من شهود أدلوا بإفادات لما رأوه هم بأم أعينهم أو لما خاضوه بأنفسهم من تجارب. وأضاف علي بأن الشهادات مشفوعة بصور مروعة للعنف الذي مورس ضد المحتجين المدنيين العزل وأنه"لمن الأهمية بمكان حتى يتسنى لمصر أن تعود إلى العملية الديمقراطية أن يخضع للمساءلة والمحاسبة عن جرائمهم أولئك الذين تسببوا بأعمال العنف التي تبعت الانقلاب العسكري. فلا أمل في إقامة الديمقراطية ولا في سيادة القانون في مصر ما لم تقم المؤسسات القانونية الدولية بمهامها التي من أجلها أقيمت."
وقال المحامي مايكل مانسفيلد: "لقد تمت الإطاحة من خلال انقلاب عسكري غير مشروع بحكومة منتخبة ديمقراطياً. وهذا في حد ذاته يعد انتهاكاً لسيادة القانون، ولم تجر حتى الآن محاسبة المسؤولين عن هذا الفعل الذي نجم عنه جرائم ضد الإنسانية موثقة بالكامل. وفي الظروف التي يفشل فيها القانون المحلي في إنصاف المظلومين، فإنه يتوجب على مؤسسات القانون الدولي فعل ما في وسعها لضمان احترام وتطبيق هذا القانون."
وقد استعرض المحامي ستيفن كامليش الاستراتيجية المتبعة باستخدام مبادئ الصلاحية القانونية الدولية لمقاضاة أفراد النظام العسكري في الأماكن التي قد يسافرون إليها، وأوضح أن المحاكم الوطنية تتحرك بشكل متزايد باتجاه تطبيق مبادئ الصلاحية القانونية الدولية ومقاضاة المشتبه بارتكابهم جرائم دولية بغض النظر عن موقع ارتكاب تلك الجرائم.
وصرح المقرر الخاص السابق لدى الأمم المتحدة لشؤون حقوق الإنسان البرفسور جون دوغارد: "لقد أسست محكمة الجنايات الدولية من أجل ضمان ألا يفلت من يرتكب جرائم ضد الإنسانية من المحاسبة والعقاب. ولذلك فإن من الأهمية بمكان أن تحقق المحكمة مع، وتحاكم، أولئك الذين يتحملون المسؤولية عما ارتكب من مثل هذه الجرائم في مصر. وكلنا أمل أن تحقق المبادرة الحالية هذا الهدف وأن تردع في نفس الوقت من تسول له نفسه ارتكاب مثل هذه الجرائم. ليس بوسع محكمة الجنائيات الدولية، وبالتأكيد ليس بوسع المجتمع الدولي، السماح لنظام غير دستوري وغير معترف به وغير قانوني في مصر الاستمرار في ارتكاب هذه الجرائم الدولية الخطيرة والإفلات من العقاب."
ومن المتوقع أن يجتمع أعضاء هذا الفريق القانوني بمدعي عام محكمة الجنايات الدولية خلال الأيام والأسابيع القادمة لمساندة الجهد المناط حالياً بمحكمة الجنايات الدولية والذي يتوجب عليها أن تقوم به. وقال المحامي طيب علي: "من الأهمية بمكان أن يتوحد الشعب المصري لإعادة بناء الديمقراطية، ولن يتسنى تحقيق ذلك ما لم تتم محاسبة الذين ارتكبوا جرائم ضد الشعب المصري
-
Related Posts
- قائد أكبر وأهم وحدة استخبارات في الجيش الإسرائيلي يستقيل فإليك التفاصيل13 Sep 20240
قائد أكبر وأهم وحدة استخبارات في الجيش الإسرائيلي يستقيل من منصبه بسبب فشله في منع هجمات السابع من أكتوبر.. من يكون؟ Read more »
- منن يكون ميشيل بارنييه الذي اختاره إيمانويل ماكرون لتشكيل الحكومة الجديدة؟06 Sep 20240
أكبر رئيس وزراء في تاريخ فرنسا الحديثمنن يكون ميشيل بارنييه الذي اختاره إيمانويل ماكرون لتشكيل الحكومة الجديدة؟ Read more »
- الضابط الإسرائيلي إلعاد غورين سيتولى إدارة شؤون القطاع!30 Aug 20240
منصب جديد تستحدثه إسرائيل في غزةالضابط الإسرائيلي إلعاد غورين سيتولى إدارة شؤون القطاع! Read more »
- ثلاث قضايا سوف تسقط حكومة نتنيا٠هو29 Aug 20240
ثلاث قضايا رئيسةفي الأشهر المقبلة قد تؤدي إلى سقوط حكومة نتنياهو في الدورة الشتوية المقبلة للكنيست Read more »
- جنود إسرائيليون يرفضون العودة إلى غز٠ة والجيش يهدد بمحاكمتهم عسكريًا29 Aug 20240
"لا نريد العودة للقتال في غزة"جنود إسرائيليون يرفضون العودة إلى غزة والجيش يهدد بمحاكمتهم عسكريًا Read more »
- كيف بدى رد الفعل العالمي لما يتعرض له أهالي غز٠ة!28 Aug 20240
في ظل عدوان متواصل لما يقارب 10 أشهركيف بدى رد الفعل العالمي لما يتعرض له أهالي غزة من حرب تجويع وإبادة جماعية؟ Read more »
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
إرسال تعليق
ياكريم نيوز | هو مواقع اخباري يهتم بالشان العربي والعالمي ينقل لكم الخبر كما هو
Emoticonمن مواقع اخر فتقع المسئولية الخبار علي المصدر
Click to see the code!
To insert emoticon you must added at least one space before the code.