هذه
عاطفة ، وليست مقالة تحليلية كما اعتادها قارئي الكريم ، هيجتها أنشودة
بعنوان " رصاصة " سمعتها للمبدعين صهيب شكري ومحمد صبحي وأحمد الطايفي
ومحمد البارة وأحمد مصطفى ورفاقهم الفائقين ...
وهي التي أوحت لي بعنوان المقالة ، كما أوحت لي بموضوعها ، وأسوق لكم الأنشودة في نهاية المقالة إن شاء الله ..
توقفت حياتي ..
أحسبه
أشد حدث مزلزل في حياتي .. توفي والدي – رحمه الله - ، منذ ما يقرب من
أربعة عشر عام وظننت أن الحياة ستقف ، ولكنه شهر أو شهران واستمرت الحياة ،
صحيح لم أنساه أبداً ولا في أي سجدة من سجداتي ولا عند نومي ولا في مواطن
تحري إجابة الدعاء .. ولكن رغم ذلك فالحياة استمرت ..
توفيت
والدتي – رحمها الله - منذ سنتين ، وظننت أن الحياة توقفت ، ولم أستطب لا
مطعماً ولا مشرباً ولا ملبساً ، واستمر الحال هكذا شهران ، صحيح أنني لم
أنساها أبداً ولا في نفس من أنفاسي ، ولا في أي موطن أظن أن الله سبحاني
يقبل دعائي فيه ... ولكن رغم ذلك فالحياة استمرت ..
أما
في رابعة .. ورغم مرور ستة أشهر بالتمام والكمال ، فأنا أحيا بينكم وعلى
أرضكم هذه كصورة أو خيال ، لا أستطيب مطعماً ولا مشرباً ولا ملبساً .
حياتي توقفت تماماً ، أقابل من حولي من أصحابي وإخواني وأهش لهم وأبش وأنا
لا أشعر لا بي ولا بهم ، فحياتي متوقفة ، وعقارب الزمن عندي هناك في
رابعة ، قلبي هناك في رابعة ، في خيام الصالحين وفي المركز الإعلامي ،
وعند المنصة وفي المسجد ...
هناك في التراويح ، وفي الإفطار الجماعي ، وفي قيام الليل والتهجد ، في حلق الذكر ، عند بوابات الحراسة ، داخل المستشفى الميدان
مع أحبابي الذين قضوا ، مع الشهداء الأحياء الذين قدموا أرواحهم لله ، وصدقوا الله في طلبهم الشهادة فصدقهم الله ...
حياتي توقفت هناك ، وعقارب الزمن لا تتحرك من عند رابعة .
الرصاصة لا تزال في صدري
الألم
الذي سببه لنا الانقلابيون بالحرمان من أحبابنا وتغييبهم إما عن حياتنا
الدنيا بالكلية ، أو وراء الأسوار بالسجون أو المعتقلات ، أو بخارج البلاد ،
هذا الألم لا يقارنه ألم ، إنه أشد من أي ألم تتخيلونه ، إنه رصاصة
أطلقها الانقلابيون الجناة واخترقت قلوبنا وصدورنا وبقيت فيها ، لقد "
وكتت " ، بل حفر حفرة كبيرة لا يزول أثرها أبداً ما حيينا في قلوبنا
وصدورنا .
ورغم
ستة شهور على الفض تبقى الرصاصة في قلوبنا وستبقى ، ربما يخف أثرها بعد
الانتقام لأحبابنا ، ولكن أحسب أنها ستبقى إلى أن نلقى الله سبحانه .
وعلى
قدر عمق الحفرة وعلى قدر أثرها في صدورنا ، على قدر تصميمنا على أن نأخذ
بثأر أحبابنا ، لقد تسبب الجناة الآثمون بهذه المذبحة إلى وصولنا إلى
الحالة الصفرية ، نحن أو هم ، وهم الزائلون إن شاء الله .
أحبابي الذين قضوا
لقد
فجعني الانقلاب يوم الفض - بالطبع في كل من استشهد – ولكن على وجه الخصوص
فيمن أعرف وأرتبط معهم بعلاقة صداقة وأخوة خاصة فجعني في أكثر من خمسة
عشر شهيدٍ ربطتني بهم علاقات خاصة في القاهرة وفي سوهاج وفي الإسكندرية
وفي الغربية ، على رأسهم حبيبي أيمن الشافعي وعادل العناني ، وكلهم حبيب
وصديق ومقرب .
لا
تكاد تمر لحظة من لحظات حياتي إلا وهؤلاء الأحباب معي ، أكون وحدي في
العربة فأفاجئ بدموع الشوق تنهمر من المآقي ، حين أضع جنبي لأنام أراهم
بجواري على وسادتي .
حين
أصف قدمي للصلاة أراهم بجواري ، حين أمشي وحدي ليلاً أراني أكلمهم
وأحادثهم ، ما هذا الذي حدث لي ، أتراه مس من الجنون ، أم هو حنين المحبين !
لقد
كانوا ملائكة رقاق ، طيبي القلوب ، طاهري الأيدي ، متوضئين ، قارئين
للقرآن مصلين متصدقين وسابقين بالخيرات ، لم تشهد حياتنا الدنيا موضع خير
إلا وكانوا فيه ، ولا موطن نصرة للإسلام إلا وحضروه .
تعلمت
منهم الحب .. نعم الحب ، معنى أن تكون حياتك لمن حولك ابتغاء مثوبة الله
دون مصلحة دنيوية رخيصة ، تعلمت منهم الإيثار والعطاء والبذل ، تعلمت منهم
كيف يكون التسامح وسلامة الصدر ، تعلمت منهم كيف يكون استرخاص الحياة
لمبدأ عاشوا من أجله وماتوا في سبيله وهو : الله غايتنا .
أيها الربعاويون : أحبابي الشهداء .. إخواني المعتقلين .. إخواني خارج مصر .. أصحابي الذين بقوا ... سلام عليكم .
ثم
عهد لكم بأن نكمل ما بقي من عمرنا على طريقكم لا نحيد بإذن الله حتى نلقى
الله عليه ، ونسأل الله لنا الثبات على ذلك ، ثم عهد لكم أن نثأر من
جلاديكم وقاتليكم ، والله لا يرقأ لنا جفن ولا يهدأ لنا بال ، ولا يطمئن
بنا قرار حتى نأخذ ثأركم من السيسي السفاح الخائن ومن معه من ثلة العسكر
والشرطة والإعلام والقضاة الفاسدين وباقي الانقلابيين .. وإن غداً لناظره
قريب .
الأنشودة :
إرسال تعليق
ياكريم نيوز | هو مواقع اخباري يهتم بالشان العربي والعالمي ينقل لكم الخبر كما هو
Emoticonمن مواقع اخر فتقع المسئولية الخبار علي المصدر
Click to see the code!
To insert emoticon you must added at least one space before the code.