0
نشرت "يديعوت أحرنوت" على صدر صفحتها الرئيسية تحليلًا للمحلل والمراسل العسكرى المخضرم رون بن يشاي، يشرح كيف تعلمت حماس وبقية فصائل المقاومة الدرس من المواجهات السابقة مع "إسرائيل"، فاستطاعت التغلب على أكبر ثلاثة تحديات كانت تضعفها فى مواجهة "الجيش الإسرائيلى"، من خلال استراتيجية ثلاثية (الهدف وتوقيت الإطلاق وعدد الصواريخ)، فارتفع عدد الأهداف التى بإمكان المقاومة إحرازها فى شباك القبة الحديدية، وأغشت أعين "الجيش الإسرائيلى اليقظة"
بمجرد انطلاق عملية "الجرف الصامد"اتضح لكل ذي عينين أن حماس والمنظمات الفلسطينية الأخرى تعلمت الدرس من العمليات السابقة.
 فخلال عمليتي "الرصاص المصبوب" و"عمود الدفاع" أدرك الفلسطينيون أنهم يواجهون
ثلاثة تحديات تضعف موقفهم عسكريًّا فى مواجهة الجيش الإسرائيلى:
(1)بطاريات صواريخ القبة الجديدة الاعتراضية
(2)قدرات الجيش الإسرائيلى فى جمع المعلومات الاستخباراتية برًّا وبحرًا وجوًّا، وانتشار أجهزة استشعار تستطيع تتبع أي حركة على الأرض، وإطلاق النار عليها، ليلًا أو نهارًا.
(3)القدرة الإسرائيلية على توفير استجابة سريعة، فى غضون دقائق، بناء على معلومات استخباراتية وأجهزة استشعار تقدم المعلومات فوريًّا.
لكن من الواضح بالفعل أن حماس والجهاد الإسلامى ولجان المقاومة الشعبية، في ضوء الاستنتاجات التى خرجوا بها من المواجهات السابقة مع إسرائيل، بدأوا يتخذون
خطوات لمواجهة هذه التحديات:
(1)-على سبيل المثال-، لمواجهة القبة الحديدية تطلق حماس والمنظمات الفلسطينية الأخرى وابلًا من عشرات الصواريخ والقذائف فى وقت واحد، بحيث تعجز القبة عن اعتراضها كلها. وهذا ليس سرًّا، ولا تعرفه فقط حماس والجهاد الإسلامى فى غزة، بل أيضًا حزب الله فى لبنان.
ولأن إطلاق العديد من الصواريخ فى وقت واحد على منطقة بعينها يمثل تحديًا للقبة الحديدية،أطلقت حماس والجهاد الإسلامى يوم الإثنين عشرات الصواريخ فى وقت واحد على النقب الغربى، خلال فترة زمنية قصيرة جدًّا، وكانوا فى كل مرة يصوِّبون على منطقة مختلفة.
وحين أطلقت حماس بضعة صواريخ على مناطق معينة، مثل: كريات ملاخى، ومنطقة رحوفوت، وغيرهما، كانت تستهدف بعث رسالة مفادها أنها قادرة على الوصول إلى مدى أبعد، واختبار ما إذا كان الجيش الإسرائيلى مستعدًّا بما فيه الكفاية لحماية تلك المناطق. وفى هذا السياق، ينبغى للمرء تذكُّر أن سكان غزة لا يملكون قوة جوية ولا نظام استخبارات متطورًا لتقديم معلومات عن مواقع بطاريات القبة الحديدية.
كما استخدمت حماس والجهاد طريقة أخرى للتغلب على التحدى الذى تشكله القبة الحديدية،وذلك باستعمال صواريخ أبعد مدى وأكبر حجمًا،فكلما زادت المساحة التى ينبغى على القبة الدفاع عنها كلما زادت فرص إفلات الصواريخ من شباكها.
(2) وللتغلب على التفوق الاستخباراتى للجيش الإسرائيلى فى غزة، استخدم الفلسطينيون ما يعرف عسكريًّا بـ "النطاق تحت الأرض"، فدفنوا قاذفاتهم بكل بساطة فى حفر مجهزة يصعب اكتشافها من الجو، فضلًا عن قصفها بدقة بسبب موقعها تحت الأرض.
 وعادة ما تُغَطَّى هذه الحفر بأسقف تفتح إما إلكترونيًّا أو بسحب حبل متصل بها، وهى مدعومة بنظام كهربائى يسمح بإعادة غلق سقفها بمجرد إطلاق الصاروخ.
كما سمحت أنفاق الصيانة لمسلحي حماس- على نطاق واسع- بنقل عدد كبير من هذه القاذفات الأخدودية – الموجهة مسبقًا صوب هدف معين فى إسرائيل- فى أنحاء المنطقة، وإعادة تسليحها أو تغيير اتجاهها دون أن تستطيع الاستخبارات الإسرائيلية رصدها.
(3) عامل آخر مهم وهو الطقس،فعمليتا الرصاص المصبوب وعمود الدفاع حدثتا فى فصل الشتاء العاصف، حين كان قطاع غزة مغطى بسحب الضباب الكثيفة فى ساعات الصباح.
 صحيحٌ أن الطائرات بدون طيار والهليكوبتر ومقاتلات سلاح الجو تستطيع ضرب أهدافها حتى لو كانت غير مرئية بالعين المجردة أو فى ظروف جوية سيئة، لكن طواقم القاذفات يمكن أن تظهر فجأة فوق سطح الأرض فى مناطق مختلفة من قطاع غزة، مستفيدة من ضعف الرؤية لإطلاق الصواريخ على إسرائيل.
لكن ليس هذا هو الحال فى العملية الحالية، حيث سماء يوليو الصافية والطقس الجيد الذى يعتبر ميزة واضحة للجيش الإسرائيلى، فى حين أنه يجبر الفلسطينيين على إطلاق الصواريخ بقلة أثناء النهار.
وفى مواجهة ذلك، أصبحوا يطلقون الصواريخ فى وقت متأخر من المساء (8 أو 9 مساءً على سبيل المثال) بهدف تحقيق أكبر قدر من التأثير،فى وقت ذروة مشاهدة الفلسطينيين للبرامج الإخبارية التلفزيونية.
ورغم التهديدات العديدة الصادرة من قطاع غزة، يبدو أن الفصائل الفلسطينية تتصرف بالطريقة ذاتها التى ينتهجها الجيش الإسرائيلى فى القتال حتى الآن، وإن تبدلت جملة: "الهدوء سيقابل بالهدوء" لتصبح:"التصعيد سيؤدى إلى التصعيد".
 صحيحٌ أن أيًّا من الجانبين لم يصل بعد إلى مرحلة كسر القواعد، لكن هذه المعادلة حسَّاسة ويمكن أن تنهار إذا تعددت الإصابات على أى من الجبهتين.
وفى مواجهة ذلك قررت حركة الجهاد- صباح الثلاثاء- تسمية العملية "البنيان المرصوص"،ربما فى إشارة إلى تماسك فصائل غزة فى مواجهة التصعيد ضد إسرائيل.
انتهى كلام المحلل الإسرائيلى.
 لكن من المفارقات أن (رون بن يشاي) شخصيًّا كتب فى الصحيفة ذاتها (يديعوت أحرنوت) أواخر العام الماضى عن "التقييم الاستخباراتى الإسرائيلى لعام 2014" قائلاً: "حماس، والجهاد الإسلامى الفلسطينى، لديهم فى الوقت الراهن– ومن المحتمل أن يستمر ذلك العام القادم أيضًا- أسباب وجودية وجيهة لعدم محاولة التورط فى صراع واسع النطاق مع إسرائيل".
 وأضاف: "ارتدع الإرهاب، ليس فقط بسبب استخبارات جيش الدفاع الإسرائيلى وقدراته العملية، لكن أيضًا– بالقدر ذاته– بسبب عوامل أخرى (على سبيل المثال، السياسة الأمنية للنظام الجديد فى مصر).
وما إن مضت أشهر قليلة حتى أهدت كتائب الشهيد عز الدين القسّام "عملية العاشر من رمضان" إلى أرواح شهداء الجيش المصرى الذين ارتقوا فى مثل هذا اليوم عام 1973، على وقع دكّ "تل أبيب" بصاروخ الجعبري، وحيفا بـ الرنتيسي R160، وقصف القدس المحتلة وتل أبيب بثمانية صواريخ من طراز M75.

إرسال تعليق

ياكريم نيوز | هو مواقع اخباري يهتم بالشان العربي والعالمي ينقل لكم الخبر كما هو
من مواقع اخر فتقع المسئولية الخبار علي المصدر

 
Top