تشهد العلاقات المصرية الإسرائيلية تباينًا كبيرًا يجعلها أقرب
للغموض، فلكل من البلدين علاقات استراتيجية ومصالح أمنية كبيرة مع الآخر
تجعل المواقف السياسية والدبلوماسية لا تتفق مع الرؤية الشعبية، فبالنسبة
للمصرين إسرائيل عدو، ولا زالت.
فكيف بدأت العلاقات بين البلدين؟ وما مراحل تطورها؟ وهل اختلف الموقف المصري من إسرائيل بين اليوم والأمس؟
1- متى كانت بداية العلاقات المصرية الإسرائيلية؟
يمكن
القول أن العلاقات المصرية الإسرائيلية بدأت منذ إعلان دولة إسرائيل عام
1948، وهو القرار الذي عارضته بعض الدول العربية وقامت على إثره حرب فلسطين
في نفس العام بين كل فلسطين والمملكة المصرية ومملكة الأردن والعراق
ولبنان والمملكة العربية السعودية ضد المليشيات الصهيونية في فلسطين.
قامت
مصر بإرسال 10,000 جندي من جنودها، وكان لها دور كبير في دعم القوات
الجوية المشاركة في الحرب، انتهى القتال بهزيمة العرب واستيلاء الجيش
الإسرائيلي على معظم منطقة صحراء النقب وتطويق القوات المصرية التي كانت
مرابطة حول الفالوجة في النقب الشمالي.
بعد ذلك قامت هدنة بين إسرائيل وكل من مصر والأردن وسوريا ولبنان بتوسط من الأمم المتحدة من خلال مفاوضات في جزيرة رودس اليونانية.
كان
من المشاركين في الحرب جمال عبد الناصر معه عبد الحكيم عامر، اللذان شكلا
فيما بعد مع زملائهما تنظيم الضباط الأحرار، وقد تم محاصرة كتيبتهما من
إسرائيل في جنوب فلسطين.
2- ماذا عن عهد جمال عبد الناصر؟ ولماذا كانت النكسة؟
بعد
نجاح الضباط الأحرار عام 1953 في القيام بانقلاب عسكري عُرف فيما بعد
بثورة 23 يوليو، تم الإطاحة بالملك فاروق وإنهاء الحكم الملكي وإعلان
الجمهورية، وتم تشكيل لجنة قيادة الضباط الأحرار برئاسة اللواء أركان حرب
محمد نجيب، الذي تم إعفاؤه من منصبه فيما بعد، وقيام مجلس القيادة برئاسة
عبد الناصر بمهام رئيس الجمهورية، والذي أصبح في يونيو 1956 رئيسًا منتخبًا
للبلاد.
في عهد جمال عبد الناصر تم احتلال سيناء
مرتين عام 1956 وعام 1967، فبعد تأميم عبد الناصر لقناة السويس عام 1956
كان العدوان الثلاثي على مصر من كل من بريطانيا وفرنسا وإسرائيل، وبعد
مقاومة شعبية وتدخل روسي انسحبت القوات البريطانية والفرنسية من مصر في
ديسمبر 1956، وانسحبت إسرائيل بعد ذلك.
في عام
1958 أعلن عبد الناصر الجمهورية العربية المتحدة باتحاد مصر وسوريا الذي لم
يستمر طويلًا، فكان الانفصال عام 1961، في عام 1967 قامت بعض الاشتباكات
بين القوات الإسرائيلية والقوات المقاتلة في سوريا والأردن وفلسطين، وفي
تصعيد للوضع قام جمال عبد الناصر بإغلاق مضايق تيران في البحر الأحمر أمام
الملاحة الإسرائيلية، فقامت إسرائيل بشن هجوم عنيف في يونيو 1967 على مصر
والأردن وسوريا، على إثره تم احتلال سيناء والجولان والضفة الغربية والقدس
الشرقية، وهي ما عُرفت “بنكسة يونيو” أو “حرب الأيام الستة”، أعلن عبد
الناصر مسؤوليته عن هزيمة القوات المسلحة المصرية وضياع سيناء فأعلن
استقالته، وعاد مرة أخرى بعد أن خرجت الجماهير المصرية تطالب بعودته.
تكبدت
مصر خسائر فادحة في الحرب، فتشير المصادر أن الخسائر كانت بنسبة 85% من
سلاح القوات البرية، وخسائر القوات الجوية ما يقارب الـ 100%.
3- كيف تعامل السادات مع الأمر فيما بعد؟ وهل حققت مصر انتصارًا حقيقيًا في حرب أكتوبر؟
مات
جمال عبد الناصر عام 1970م، وخلفه محمد أنور السادات رئيسًا لجمهورية مصر
العربية في حالة من التوتر والتأهب من المصريين للأخذ بالثأر وتحقيق
الانتصار ومحو آثار هزيمة نكسة 67.
وبالفعل بدأ
السادات حكمه بالحرب، فيرتبط اسمه ارتباطًا وثيقًا بأول انتصار عسكري على
الجيش الإسرائيلي عام 1973م، واعتبره المصريون والعرب “قائد الانتصار
العظيم”، إلا أنه سرعان ما فقد هذا اللقب بعد أن شهدت العلاقات الإسرائيلية
في عهده تحولًا من “العداء الاستراتيجي” إلى “السلام الاستراتيجي”.
كانت
الحرب بالنسبة للسادات نهاية، ليبدأ معها السلام، فبعد النصر الذي حققه في
حرب أكتوبر بالتنسيق مع الجيش السوري واسترجاع جزء من شبه جزيرة سيناء،
ألقى خطابًا قال فيه “حاربنا من أجل السلام .. لسنا مغامري حرب وإنما نحن
طلاب سلام”.
يعتبر السادات هو أول رئيس عربي زار
إسرائيل ويلقي خطابًا أمام الكنيست عام 1977م، وأول رئيس يعلن عن رغبته في
السلام مع إسرائيل، فحتى في أثناء الحرب وتحديدًا اليوم العاشر أعلن عن
استعداده للتفاوض مع إسرائيل وحضور المؤتمر الدولي للسلام،
4- هل يعني هذا أن إسرائيل لم تعد عدوًا في عهد السادات؟
يمكن
القول أن إسرائيل ظلت عدوًا استراتيجيًا في سياسة الحكومة المصرية، إلى أن
جاءت اتفاقية كامب ديفيد 1979م، والتي أنهت خيار العدو الاستراتيجي وتم
استبداله بـ “الحليف الاستراتيجي”، وجاءت فترة من السلام مع إسرائيل عاشتها
مصر لأكثر من ثلاثين عامًا.
تم التمهيد لفكرة
السلام وتعداد محاسنها مقابل فكرة الحرب ليستسيغها المصريون والعرب ويرون
فيها مستقبل أفضل وأكثر أمانًا، بل تم تقديم رؤى لآليات التعاون مع
إسرائيل؛ فكانت استراتيجية السادات بالسلام مع إسرائيل قائمة على سياسات
أهمها بداية الانفتاح الاقتصادي على الغرب والتحالف معه وعلى رأسه الولايات
المتحدة، وتحقيق التقدم الاقتصادي للبلاد في فترة السلام.
إلى
أن الاتفاقية أدت إلى تعديل الأمن القومي المصري، وتم تقزيم الدور السياسي
الخارجي المصري، وحصره في حدوده القطرية بعد أن كان ممتدًا عربيًا
وأفريقيًا وإسلاميًا، كمت تعتبر الاتفاقية هي اعتراف رسمي من السلطات
المصرية بدولة “إسرائيل”، وأدت لجعل السيادة المصرية على سيناء شبه محدودة،
وحققت لإسرائيل الانفراد بفلسطين، والمرور من قناة السويس، بل وساهمت في
وجود تعاون استراتيجي واقتصادي واستخباراتي بين مصر وإسرائيل.
من
أهم البنود التي جاءت في اتفاقية السلام: أن على الطرفين إقامة علاقات
طبيعية وودية بينهما بعد الانسحاب الإسرائيلي من سيناء، وأن الحدود الدائمة
بين مصر وإسرائيل هي الحدود الدولية المعترف بها وهي حدود مصونة لا تمس،
وأن يحترم كل طرف سيادة الآخر وسلامة أراضيه واستقلاله السياسي، وأن يتعهد
كل طرف على ألا يصدر منه أي فعل من أفعال الحرب أو العنف أو التهديد من
داخل أراضيه، وأن تتمتع إسرائيل بحق المرور في قناة السويس ومداخلها.
5- كيف استقبل المصريون فترة السلام مع إسرائيل؟ وما هي أهم ردود الأفعال على اتفاقية كامب ديفيد؟
كما
قلنا من قبل، لم تكن فكرة السلام مفاجأة بالنسبة للمصريين، فقد تم التمهيد
لها في الساحة الفكرية والإعلامية وسادت حالة من الترويج لإنهاء الحرب
وقبول فكرة السلام.
ووصل الأمر إلى ظهور بعض
الدعوات التي تنادي بالتنازل مقابل الأرض، وقد ظهرت هذه الفكرة على لسان
شخصيات تحظى بشعبية كبيرة، مثل الراحل نجيب محفوظ حين قال: “ينحصر اهتمامي
بالسلام وأوافق عليه حتى لو كان مشروطا بتنازلات عن أجزاء من التراب
الوطني، فالأرض بذاتها ليست ذات قيمة لأن الهدف هو القيمة، وهدفنا يجب أن
يكون بناء الحضارة، ونحن نضحي بالرجال ونرسلهم إلى الحرب فيموتون من أجل
هدف .. فلماذا لا نضحي بالأرض إذا كانت ثمنًا لهدف أكثر أهمية من جميع
الأهداف، ألا وهو السلام من أجل الحضارة”.
إلا
أنه لدى بعض النخبة كان لا زال هناك اقتناع بأن إسرائيل “عدو”، وتمثل
تهديدًا استراتيجيًا للأمن القومي العربي والمصري، وأن الحياد في قضية
الصراع العربي الإسرائيلي غير ممكن.
شهدت مصر
حالة من عدم الاستقرار الداخلي بعد الاتفاقية، ظهرت في بعض التحركات على
الصعيد الشعبي والتنظيمي والسياسي تعارض اتفاقية السلام كان أعنفها جماعة
الجهاد المصرية المناهضة للتطبيع، والتي قامت باغتيال السادات عام 1981م.
كان
من أبرز القوى التي عارضت أو تعارض اتفاقية كامب ديفيد حتى اليوم – والتي
ظهر بعضها بعد عهد السادات – حزب العمل والتجمع والإخوان المسلمون وحركة
كفاية والحزب العربي الناصري وحزب الكرامة والحزب الشيوعي المصري وحزب
الوفد الجديد واتحاد الكتاب والأدباء العرب، وبعض النقابات المصرية.
6- كيف أثرت معاهدة السلام على القضية الفلسطينية؟
قامت
الاتفاقية بالتركيز على العلاقات بين مصر وإسرائيل، وفي إطار اعترافها
الكامل بدولة إسرائيل واستقلالها، فقد تحدثت عن القضية الفلسطينية في صورة
الحكم الذاتي، واختزلت القضية بالضفة وقطاع غزة، واختزلت الشعب الفلسطيني
فقط بالمقيمين في الضفة والقطاع والنازحين بعد حرب 1967م.
بعد
اتفاقية السلام قامت إسرائيل بإعلان ضم القدس الشرقية عام 1980م، ومضت في
تنفيذ مشاريعها الاستيطانية في الضفة الغربية وقطاع غزة، بالإضافة إلى
مصادرة الأراضي، وربطت اقتصادها باقتصاد الضفة والقطاع.
تجاهلت الاتفاقية بعض النقاط الهامة والمركزية في القضية، مثل حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره أو حقه في دولة مستقلة.
تسببت
الاتفاقية في عزل مصر عن دائرة الصراع الإسرائيلي، وأغلقت الباب أمام
محاولات قيام حروب عربية إسرائيلية لتحرير الأراضي المحتلة، فاستفردت
القوات الإسرائيلية بالمقاومة الفلسطينية، وقامت باجتياح لبنان عام 1983م.
7- ماذا عن دور مبارك في السلام مع إسرائيل؟ وإلى أي مدى وصل التعاون المصري الإسرائيلي في عهده؟
وإن
قبل المصريون السلام مع إسرائيل، فإنهم لن يقبلوا أن تتغير مشاعرهم تجاه
الإسرائيليين ودولتهم، فإسرائيل عدو في عقيدة أغلب المصريين، فتعامل
المصريون أن العلاقات الإسرائيلية تقتصر على المعاهدات والبروتوكولات لا
غير، ساهم في تعزيز ذلك استمرار إسرائيل في شن الحروب على فلسطين ولبنان.
كان
على محمد حسني مبارك، رئيس مصر السابق، أن يراعي هذه الحساسية في شعبه
تجاه إسرائيل أثناء حكمه مع مراعاة العلاقات الاستراتيجية معها، وبالرغم من
أنه كانت هناك اتفاقيات بين مصر وإسرائيل منها اتفاقية الكويز بين مصر
والولايات المتحدة وإسرائيل عام 2004م، واتفاقية تصدير جزء من الغاز المصري
لإسرائيل عام 2005م، إلا أن السلام المصري الإسرائيلي قد وُصِف بكونه
“سلام بارد”، أو سلام ضرورة، فكانت زيارات السفراء الإسرائيليين المتعاقبين
في القاهرة تشكو من الغضب الشعبي المصري من إسرائيل، أما عن مبارك فقد حرص
على احترام اتفاقية السلام بين البلدين ربما أكثر من إسرائيل نفسها، وكل
أزمة من الازمات بين البلدين كانت تخضع للتقييم الدولي وللتقاليد والأعراف
الدبلوماسية المعروفة.
أما بالنسبة للموقف المصري
من القضايا العربية آنذاك، فكان موقفًا محايدًا، ولم يكن لمصر دورًا
ملموسًا تجاه الاعتداء الإسرائيلي على الدول العربية، فقد قامت إسرائيل
بتحييد مصر عسكريًا ودبلوماسيًا، فألزم مبارك نفسه والدول العربية بما عرف
بالمبادرة العربية للسلام، التي جعلت السلام “خيارًا استراتيجيًا”.
توصف
السياسة المصرية في عهد مبارك بالضعف وتبعيتها الكاملة للغرب وافتقادها
الرؤية السياسية التي تحقق مصلحة مصر، ففي الوقت الذي كان يزداد فيه النفوذ
الإسرائيلي في المنطقة، وتشهد إسرائيل تقدمًا بارزًا في عدّة مجالات، كان
دور مصر العربي والإقليمي والدولي يستمر في التراجع، وعلى المستوى الداخلي
فإن كل آمال السادات ومؤيديه من السلام لم تُحقق في مصر، فلم تستطع مصر أن
تحقق تقدما ملفتًا في المجال الاقتصادي أو البحث العلمي أو التصنيع.
8- ماذا عن قطاع غزة؟ كيف تعامل مبارك مع القطاع بعد فوز حماس في الانتخابات؟
لقطاع
غزة أهمية كبيرة للأمن القومي المصري؛ فغزة هي البوابة الشرقية لمصر في
الحماية من اعتداءات إسرائيل، إلا أن عداء النظام للإخوان المسلمين في مصر،
ولحركة المقاومة الإسلامية حماس ساهم في تشويه صورة الفلسطينيين بشكل عام
وحماس بشكل خاص، وهو ما استمر ولا زلنا نرى أثره حتى اليوم من ردود أفعال
الإعلام على العدوان الإسرائيلي على غزة، بالرغم من أن الموقف المصري آنذاك
كان يحاول الجمع بين التعاطف مع الشعب الفلسطيني ضد الاعتداء الإسرائيلي
عليهم، وإعلان خصومته السياسية لحماس وللإخوان المسلمين في الخارج.
في
عام 2006م، بعد أن فازت حركة حماس في الانتخابات، لم يعترف النظام المصري
بقادة حماس على المستوى السياسي، وتم تحديد التعامل مع المخابرات العامة.
قام
نظام مبارك بدعم السلطة الفلسطينية المتمثلة في فتح على حساب المقاومة
الفلسطينية حماس، فعمل على اختيار المسار السياسي والدبلوماسي مع الأول،
وتضييق الحصار على الأخير، فقام بإغلاق معبر رفح، ولم يسمح بدخول المساعدات
الإنسانية إلا في حدود ضيقة، كما تم التضييق على الأنفاق التي كانت تمر من
خلالها المساعدات لحماس وللشعب الفلسطيني في القطاع.
أمّا
بالنسبة لموقف السلطة المصرية من العدوان الإسرائيلي على غزة، فيوصف بـ
“الموافقة الضمنية”، والشاهد على ذلك لقاء تسيبي ليفني بمحمد حسني مبارك
عام 2008م قبل توجيه ضربة عسكرية لغزة.
في مقال
نشره الصحفي الإسرائيلي ألوف بن قبل نصف عام من الثورة المصرية كتب فيه:
“إن الشخص الأكثر قرباً من رئيس الحكومة الإسرائيلية من بين جميع رؤساء
العالم هو رئيس مصر “مبارك”، فعلى حسب قوله أصبحت مصر بفضل مبارك حليفًا
استراتيجيًا لإسرائيل بدلًا من إيران، ومزودها الأساسي بالطاقة، ونتيجة
لذلك فإنه “لو مُنح قادة إسرائيل اختيار أُمنية واحدة، كانوا سيطلبون إطالة
حياة مبارك إلى الأبد”.
9- أطاحت ثورة يناير بمبارك فهل ساهمت الثورة في تراجع العلاقات المصرية الإسرائيلية؟ وكيف تعاملت إسرائيل معها؟
بعد
ثورة 25 يناير شهدت مصر تراجعًا في العلاقات الإسرائيلية على أكثر من
صعيد، منها الصعيد الشعبي إبان المظاهرات الغاضبة أمام السفارة
الإسرائيلية، واقتحام إحدى الشقق الملحقة بالسفارة وإلقاء وثائق وأوراق
إسرائيلية من النوافذ.
كما تم وقف اتفاقية الغاز الطبيعي نظرّا لما تعرض له خط الأنابيب العابر للحدود لأعمال تخريب وتفجيرات متكررة.
كان
لدى الإسرائيليون عدة مخاوف من الثورة المصرية ومآلاتها، وركزت المؤسسات
الأمنية والبحثية جهدها على البحث عن تأثير الثورة المصرية على إسرائيل على
عدّة أصعدة، منها: اتفاقية السلام، وطبيعة العلاقات الثنائية، وانعكاسات
الثورة على ميزان القوى في المنطقة، وعلى القضية الفلسطينية، وعلى أمن
إسرائيل ووضعها الاقتصادي والسياسي.
حاولت
إسرائيل ألا يكون لها موقف واضح يبرز معارضتها للثورة ودعمها لمبارك نظرًا
لحساسية الوضع، فأصدر مكتب رئيس الحكومة توجيهًا إلى جميع الوزراء بعدم
الحديث عن الوضع في مصر، وقامت وزارة الخارجية المصرية بنقل عائلات
الدبلوماسيين الإسرائيليين من مصر.
إلا
أن إسرائيل في تصريحاتها كانت تؤكد على مخاطر إسقاطه، وضرورة استقرار نظام
الحكم المستبد المعتدل في سياسته تجاه إسرائيل والغرب، ففي خطاب بالقدس
قال رئيس الحكومة الإسرائيلية نتنياهو أنه إن سقط مبارك، فمن الممكن أن
تستولي “قوى إسلامية متطرفة” على الحكم في مصر.
10- ماذا عن فترة حكم محمد مرسي؟ كيف تعاملت إسرائيل معها؟ وكيف تعامل مرسي مع القضية الفلسطينية؟
تم
انتخاب محمد مرسي رئيسًا للجمهورية عام 2012م، كأول رئيس مصري مُنتخب بعد
الثورة، وهو ما ساهم في تعزيز مخاوف إسرائيل من الثورة وتبعاتها، فجذور
الرئيس المعزول محمد مرسي الإسلامية وانتماؤه لجماعة الإخوان المسلمين التي
تعادي إسرائيل بشكل صريح، كان له أكبر الأثر على تعزيز هذه المخاوف على
مستقبل العلاقات المصرية الإسرائيلية.
قام
نتنياهو بإصدار بيان “معتدل ومجامل”، كما وصفته الصحف العبرية، يعلن فيه
تقدير إسرائيل للمسيرة الديمقراطية في مصر واحترام نتائجها مع التطلع إلى
استمرار التعاون مع القيادة المصرية على أساس اتفاقية كامب ديفيد، فقد كان
ملف السلام واتفاقية كامب ديفيد من أكثر الملفات حساسية بين كل من مصر
وإسرائيل.
بدوره، قام مرسي بإرسال رسالة تصاحب
أوراق اعتماد سفير مصر في إسرائيل، استعمل فيها عبارة صديقي وعزيزي،
وأنهاها بتوقيع، صديقك المخلص محمد مرسي، وهو الموقف الذي تلقى مرسي على
أثره انتقادًا كبيرًا بسبب صيغة الخطاب.
بالنسبة
للفلسطينيين، فمثّل انتخاب مرسي لهم بابًا لانفراجة كبيرة، وكانت الآمال
بتغيير موقف مصر من القضية الفلسطينية، وفي قطاع غزة راهن الفلسطينيون على
تحسين الحالة المعيشية والإنسانية في القطاع، وإلغاء الحصار، وتحسين المرور
من معبر رفح، وحل أزمة الوقود والكهرباء.
وجاء
العدوان الإسرائيلي على غزة، وأعلنت مصر رفضها للعدوان، وفتحت الطريق
للمساعدات الإغاثية والإنسانية، وعملت على البحث للوصل إلى تهدئة بين كل من
حماس وإسرائيل.
11- كيف كان موقف إسرائيل من الانقلاب العسكري في مصر؟ وكيف أثر الانقلاب على العلاقات المصرية الإسرائيلية؟
جاء
الانقلاب العسكري على مصر، وكانت إسرائيل من أكثر الدول احتفاءً به، قامت
إسرائيل بدعم الانقلاب ودفعت صناع القرار إلى دعمه من خلال تأمين شرعية
دولية له، وتوفير الدعم الاقتصادي.
جاء هذا
الموقف لعدة أسباب منها أن: الانقلاب سيعمل على ضمان احترام اتفاقية كامب
ديفيد بلا أي مخاوف من إلغاءها، وعودة الشراكة الاستراتيجية بين كل من مصر
وإسرائيل كما كانت في عهد مبارك، وعودة الموقف المصري من القضية الفلسطينية
كما كان من قبل، بتشديد الحصار على غزة، وإعلان العداء للمقاومة
الفلسطينية، عودة ميزان القوى في المنطقة لا سيما بعد تراجع الدور المصري
الإقليمي بعد الانقلاب.
وبالفعل جاء عهد عبد
الفتاح السيسي، وتحققت آمال إسرائيل من الانقلاب، فالسيسي كان رئيسًا
للمخابرات العسكرية في عهد مبارك، وكان مشاركًا في التنسيق الأمني مع
إسرائيل، والمسؤول عن ضمان اتفاقية كامب ديفيد.
كان
موقف السطات المصرية بقيادة السيسي من المقاومة الفلسطينية أشبه بالموقف
الإسرائيلي، فحماس عدو وتنظيم إرهابي يهدد الأمن المصري، فقامت السلطات
المصرية بتضييق الحصار على قطاع غزة، وهدم الأنفاق لحماية الأمن المصري من
خطر الإرهاب، في الوقت الذي كان مبارك يسمح فيه بعمل الأنفاق جزئيا بعلم
المخابرات العامة.
وفي الحرب الأخيرة على غزة، لم
يفتح المعبر إلا لساعات بعد مرور أيام على العدوان، ومُنِعَت أغلب وفود
المساعدات والإغاثة من دخول القطاع، وجاءت المباردة المصرية للتهدئة والتي
قبلت بها إسرائيل ورفضتها المقاومة.
قد عبّرت عن
الموقف المصري تجاه غزة إحدى الصحف الإسرائيلية إذ قالت: “إن مصر تدين
اعتداءات إسرائيل على قطاع غزة، وتعلن رفضها ظاهريًا للحرب، إلا أنها في
الحقيقة قد تكون راضية عن إلحاق الضرر بالحركة الإسلامية حماس التي – تدعي
أنها – تشن هجمات مسلحة على أراضي سيناء”.
ساسة بوست
إرسال تعليق
ياكريم نيوز | هو مواقع اخباري يهتم بالشان العربي والعالمي ينقل لكم الخبر كما هو
من مواقع اخر فتقع المسئولية الخبار علي المصدر