0
اعتبر البروفيسور أروي بر- يوسف "أن إسرائيل لا تعترف سوى بمنطق القوة، ولا تتحرك للأمام إلا عندما تُضرب من الخلف، فقد دفعتها حرب أكتوبر73 إلى إعادة سيناء كلمة، بينما أفضت الانتفاضة الأولى إلى معاهدة أوسلو على سوءاتها، واندلعت الانتفاضة الثانية عام 2000 لتقنع خسائرها غالبية الإسرائيليين المتعجرفين بإنشاء دولة فلسطينية على حدود 67 وتقسيم القدس.

 

وشدد أستاذ العلوم السياسية بجامعة حيفا في مقال بصحيفة "يديعوت أحرونوت" حمل اسم (" نصر" آخر كهذا) على أن الحرب على غزة، أو ما تعرف إسرائيليًا بعملية "الجرف الصامد" تأتي في هذا السياق، إذ يمكن اعتبارها واحدة من الحروب التي غيرت موقف إسرائيل من طريقة إنهاء الصراع مع الفلسطينيين.

 

إلى نص المقال..


 

شعار "دعوا الجيش ينتصر" اتضح أنه خالٍ من مضمونه وثبت مجددًا أن الجانب الأضعف عسكريًا قادر على التسبب في أضرار فادحة. "الجرف الصامد" من منظور تاريخي.

 

في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي بعد 1967 هناك ثلاثة أحداث غيرت وضع إسرائيل فيما يتعلق بطريقة إنهاء الصراع: حرب يوم الغفران (6 أكتوبر1973) والانتفاضة الأولى والانتفاضة الثانية. عملية الجرف الصامد ورغم كونها حدثًا محدودًا نسبيًا مقارنة بسابقيها الثلاثة يمكن أن يتضح أنها مؤثرة بشكل لا يقل أهمية.
 

قبل حرب يوم الغفران اعتقد أكثر من 90 % من الإسرائيليين أنَّ السيطرة على شرم الشيخ بدون سلام أفضل من سلام بدون شرم الشيخ. الثمن الفادح الذي دُفِع في تلك الحرب أقنع غالبية الإسرائيليين بتغيير مواقفهم وتقديم الدعم الجارف لمعاهدة السلام مع مصر والتي في إطارها تنازلت إسرائيل عن سيناء كاملة حتى حبة الرمال الأخيرة.

 

قبل الانتفاضة الأولى أحجمت حكومات إسرائيل من اليمين واليسار عن الإقدام على أي محاولة لتبني حل سياسي للصراع مع الفلسطينيين بشكل حقيقي. أظهرت الانتفاضة الأولى المخاطر المرتبطة بالجمود السياسي وقادت لعملية أوسلو التي نالت تأييد غالبية الإسرائيليين.
 

كذلك عارض السواد الأعظم من الإسرائيليين إنشاء دولة فلسطينية على غزة و90 % من مناطق الضفة مثلما اقترح إيهود باراك في "كامب ديفيد". بعد أن اتضح ثمن الانتفاضة الثانية حاز مقترح كلينتون لحل الصراع واقتراحات أخرى مشابهة على تأييد غالبية الجماهير. وجاء في صلب هذه الاقتراحات: إنشاء دولة فلسطينية على حدود 67 مع تبادل القليل من الأراضي، وتقسيم القدس وتقسيم المسؤولية على الأماكن المقدسة، إلى جانب تنازل فلسطيني فعلي عن حق العودة. هذا التأييد ما زال مستمرًا حتى اليوم.
 

بدأت عملية الجرف الصامد مع وعد بإعادة بناء الردع الإسرائيلي الذي وضعت ضغوط الأزمة في غزة التحديات أمامه. مدى تحقق هذا الهدف يمكن الحكم عليه مستقبلاً. ومثلما تتبدى الأمور الآن، فليس فقط أن قوة الردع الإسرائيلية لم يعاد بنائها بل تراجعت. هذا ليس مرده أن إسرائيل تفتقر لقوة عسكرية كافية أوعزيمة وافرة لعقاب حماس على استفزازها.

 

التفوق العسكري للجيش الإسرائيلي لا يمكن التشكيك فيه، ومشاهد الدمار من غزة وكمية الخسائر المدنية الفلسطينية تشير إلى الاستعداد للمساس بحماس بأي ثمن، بما في ذلك الثمن الأخلاقي والشكلي المرتبط بموت الكثير من الأبرياء.

 

جذور مشكلة الردع تعود لحساسية إسرائيل المتزايدة للأسلحة البدائية الموجودة لدى حماس. وسوف يُذكَر اليوم الذي توقفت فيه شركات الطيران الدولية عن الهبوط بمطار بن جوريون على أنه اليوم الذي أغلقت فيه صواريخ تم تصنيعها في الورش بغزة الملاحة الدولية لإسرائيل ومنها، لذلك سيكون هناك الكثير من التبعات متعددة الدلائل على استعدادنا لاستخدام القوة مستقبلاً. لأنه يمكن الافتراض أن حماس مدفوعة بنجاجها سوف تركز جل جهودها على تحديث مخازن صواريخها مع التشديد على صواريخ طويلة المدى أكثر دقة، قادرة على إصابة مطار بن جوريون.

 

يمتلك حزب الله قدرة صاروخية لا تشكل خطرًا فقط على حرية الطيران لإسرائيل ومنها، بل أيضًا على محطات توليد الكهرباء، محطات التحلية، المفاعل في ديمونة والكثير من الثروات الاستراتيجية الأخرى. ومع كل الاحترام للقبة الحديدية، وقدرة الجيش الإسرائيلي على العمل، ليس لدينا رد دفاعي حقيقي لـ "توازن الرعب" هذا. لذلك فإن أي زعيم عاقل سيكون حذرًا للغاية - مثلما فعل نتنياهو ويعالون هذه المرة- من استخدام قوة يمكن أن يكون ثمنها فادحًا للغاية.

إرسال تعليق

ياكريم نيوز | هو مواقع اخباري يهتم بالشان العربي والعالمي ينقل لكم الخبر كما هو
من مواقع اخر فتقع المسئولية الخبار علي المصدر

 
Top