0
اليوم نواصل المسير في رحلتنا على الأرض الأوزبكية, وخلال مسيرتنا في هذه الحلقة نمر مر الكرام على بعض المآسي التي أفرزها نظام الحكم الظالم في أوزبكستان، فهيا بنا؛

إنَّ كبت النهضة الإسلامية ومضايقة أهلها من جهة وترويج وتعميم الفساد والفاحشة وتدهور الاقتصاد في البلاد من جهة أخرى أدى بأغلبية الناس إلى الأزمة الروحية، فأصبح الناس يسعون قبل كل شيء لإشباع بطونهم وشهواتهم ولم يفرقوا بين الحلال والحرام، وقل الحياء والاحتشام وتقوَّى التقليد الأعمى للغرب لدى النساء، وأعظم بلوى صار كسبهن من الدعارة والفاحشة التي كانت دخيلة وغريبة لأمهاتهن حتى في العهد السوفيتي، فأخذن يسافرن إلى البلدان الخارجية مثل الإمارات وتركيا و"إسرائيل" وتايلاند وكوريا الجنوبية لعيث الفساد وكسب دراهم معدودة بطرق الحرام. وازداد في البلاد عدد النساء البائعات أنفسهن وأعراضهن وأصبحت الدعارة موردًا وحيدًا للدخل لدى بعضهن. ونعوذ بالله من الفتن ما ظهر منها وما بطن.

وقد أعربت جمعية حماية النساء قبل مدة قريبة عن قلقها من ازدياد النساء الأوزبكيات المعنيات بالفاحشة في الدول الخارجية. وجاء في صحيفة "Bangkok Post" التايلاندية أن "سفر النساء الأوزبكيات (إلى تايلاند) يثير القلق، إذ إن أغلبيتهن يقدمن إلى هنا ليكتسبن كالمومسات.. وقد أفاد صندوق النساء (التايلاندي) الذي قام قبل فترة وجيزة بدراسات خاصة حول نزوح النساء من أوزبكستان، أفاد بأن "عدد النساء من هذه البلاد ازداد بشدة خلال الفترة من عام 1999إلى عام 2000 من 2595 إلى 5017 امرأة"، مؤكدًا على أن "شرطة النزوح التايلاندية اعتقلت في العام الماضي (فقط) 228 امرأةً أوزبكية".

 وتذكر الصحيفة بأنه "يوجد عدد من الدول – بما فيها الإمارات والبحرين وماليزيا - إلى حيث تود الأوزبكيات لو يسافرن، ولكن صرامة الإجراءات المتعلقة بالنزوح في تلك البلدان تجبر كثيرًا منهن على القيام برحلة إلى تايلاند. وقد أفاد شرطة النزوح أن النساء الأوزبكيات يحتجزن أساسًا على دخولهن البلاد بصورة غير قانونية وإخلالهن بمدة الإقامة وانشغالهن بالفاحشة، وقدم صندوق النساء (التايلاندي) بالأمس (23 من أغسطس) تقريرًا يقوم على الحوار الذي أجري مع النساء الأوزبكيات اللاتي تتراوح أعمارهن ما بين 19 و30 عامًا، واللاتي يوجدن في تايلاند من 10 أيام إلى 5 سنوات.

وتقول: "واراجْكَانَا رتاناراتْ" التي أعدت التقرير: إن "أكثرية النساء الأوزبكيات اللاتي حاورتُ معهن، كن مطلقات قبل قدومهن إلى تايلاند..، وإن أغلبيتهن جئن إلى هنا من سمرقند وطشقند - عاصمة أوزبكستان.. وأما العوامل التي دفعت أولئك النساء إلى القدوم إلى تايلاند فهي البطالة والدخل الخفيض في بلادهن والمشاكل العائلية وحث النساء العائدات من الأشغال في الخارج وإقناع الوكلاء الذين ينشغلون بالتجارة الجنسية، وأكثرية النساء اللاتي كن مدرسات ومحاسبات، أكدن بأنهن كن يكتسبن في أوزبكستان 440 بحتًا (عشر دولارات تقريبًا) شهريًّا، وسمعت كثير من النساء عن تايلاند "المعلومات الإيجابية" مثل أن هذه البلاد، حيث يمكن اكتساب كثير من النقود.

إن أغلبية النساء يتحدثن بأنهن عندما وصلن إلى تايلاند كان الوكلاء يأخذون جوازاتهن للسفر من المطر لمقابلتهن مع تاجر النساء الذي يشترى النساء من الوكلاء وهذا التاجر يأخذ منهن جوازات السفر ولا يعيدها حتى تدفع كل واحدة منهن له نقودًا باهظة. وبلا جواز السفر كانت النساء يضطررن إلى فعل كل شيء. أولئك اللاتي قدمن بموجب التعاهد مع الوكيل يكلفن بدفع مبلغ قدره يتراوح ما بين 1500 و 2000 دولار أمريكي، وهذا يكون سببًا للازدراء والاستهزاء بهن من قبل أصحاب العمل.
فالشغل الذي كن يقمن به كان يتضمن الرقص المثير للشهوة، والذي يؤدي فيما بعد إلى فعل الفاحشة. وكانت بعض النساء الأوزبكيات ترسل إلى العمل في شمال البلاد، وأما بعضهن فتعمل في فنادق متوسطة الحال في منطقتي "سُحُمْوِيتْ" و"براتونام" بالعاصمة بنكوك، وتكتسب النقود من 1000 إلى 3000 بحت من كل شخص، وتتقاضى بعضهن أجرة شهرية إذا ما ارتكبت الفاحشة مع ما يزيد على 60 رجلاً.. (أستغفر الله) وتقول: "واراجْكَانَا رتاناراتْ" أن أغلبية النساء الأوزبكيات قدمت إلى تايلاند باختيارها".

وهذا العار وهذه الفضيحة سببها وحيد، وهو السياسة الجائرة العدوانية التي تمارسها حكومة أوزبكستان تجاه الإسلام والمسلمين المخلصين، ولو أعطت للمسلمين حرية في إقامة دينهم ولم تحارب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لما ظهر الفساد بمثل هذه الدرجة - إذا ما لم يضمحل تمامًا - وإذا لم تكف السلطات عن حملتها الشرسة تجاه أهل الإسلام فإن هذه الحال ستصبح وبالاً وبلاءً عليها.

أما من ناحية مكانة الدين الإسلامي الذي يعتبر الديانة الأولى في الدولة, فإن رئيس لجنة الشؤون الدينية شاه عظيم منوَّروف يتغافل عن الاضطهاد والتعذيب الواقع على أهل الإسلام، بل يبدي عداوته للمسلمين الملتزمين. وعندما يتحدَّث عن التسهيلات المتاحة لجميع المتدينين في أوزبكستان يمثِّل على ذلك بما يجده أتباع الديانات النصرانية والكِرِشنة (البوذية) ويحب أن يكرِّر دائمًا أنهم يتمتعون بكامل حرياتهم. وفعلاً فقد قوي نشاط المنصِّرين والدعاة إلى ديانة كرشنة في الآونة الأخيرة. ترحب الحكومة بمثل هذه الاتجاهات الباطلة وتعاملها بسعة صدر - كما يعبر منوروف - وقد سجل لدى وزارة العدل الأوزبكية عدد من الأديان الباطلة، والتي لم تكن موجودة من قبل. وأما البهائية التي لم يسمع بها أهل أوزبكستان قط فقد سمح لها بممارسة أنشطتها، ويزاول أعضاؤها المعدودون بأصابع اليد جميع أعمالهم بتمكين من الحكومة، لتستفيد منهم في إشعال نار الفتن بين المسلمين. وللأسف الشديد فإنَّ عدد المنضمين إلى هذه الطوائف الدخيلة من أبناء البلد يزداد باستمرار. وذلك لأن الحكومة تعامل تلك الطوائف بالمجاملة والمداهنة بينما تضطهد المسلمين بكل شدة وعنف، وزد على ذلك تردي مستوى الشعب المادي والمعنوي. وأما الشيعة فلا يشكلون إلا نسبة قليلة.
وعلى حين استمرار العداوة للمسلمين فإن الرئيس يظهر مودته العجيبة لليهود. وفي تصريحاته التليفزيونية يتكلم عن نشأته معهم في صغره، ومزاملته لكثير منهم أثناء اشتغاله في الوظائف المتعددة، ويظهر احترامه العميق تجاههم. ويَعِد بتوفير جميع التسهيلات لمن يريد من اليهود أن ينتقل إلى أوزبكستان. وسفارة "إسرائيل" هي من أوائل السفارات المفتوحة في أوزبكستان. وقد ذكرت إدارة الحكومة الأمريكية في تقريرها الصادر عن انتهاك حقوق الإنسان في أوزبكستان أنَّ الحكومة الأوزبكية تقوم باضطهاد المسلمين، وفي الوقت نفسه تعطي اليهود جميع حقوقهم الدينية وأنهم يعلِّمون أولادهم الديانة اليهودية من دون أي مانع. التقى كريموف عام 2002م أثناء سفره إلى أمريكا بمجموعة من يهود بخارى. وقد تسلم الرئيس الأوزبكي في هذا اللقاء وسامًا من الجامعة اليهودية "لجهوده المبذولة في خدمة الشعب". ولا يمكن تكهن ما كان يقصده اليهود من "الشعب" هنا. وأشاد أحد اليهود - (من يهود بخارى) من ضمن من ألقى كلمة في ذلك الاجتماع - بأن كريموف صديق حميم للشعب اليهودي، وأكد أنه رجل عظيم جدًّا، وأفاد هذا الرجل الذي قامت هيئة الإذاعة البريطانية بنشر كلامه أنه مستاء جدًّا من الناس الذين ينتقدون كريموف في انتهاك حقوق الإنسان.
حسب المعلومات الأخيرة يقيم في أوزبكستان حاليًا ما بين عشرين إلى خمسة وعشرين ألف يهودي. وقد كان عددهم إلى سنة 1990م يصل إلى مائة ألف. وعندما بدأت مظاهرات كثيرة في البلد اضطُرَّ كثير من اليهود إلى مغادرة البلد لعدم معرفتهم بمصير الأوضاع السياسية. وبناءً على تصريحات فلاديمير لابتشينكا موظف مكتب الصحافة لدى السفارة "الإسرائيلية" المقدمة إلى إذاعة (موج ألمانيا): "يوجد تفاهم تام بين مائة وعشرين قومية وطوائف مختلفة في أوزبكستان". وبدأ في طشقند تشييد مركز جديد لليهود. وإلى يومنا هذا كان يعمل معبدان يهوديان في كل من طشقند وسمرقند وبخارى، ومعبد واحد في قوقند وفرغانة. (للمقارنة: قد تمت هجرة اليهود من طاجكستان كاملاً قبل اندلاع الحرب الأهلية فيها. وغادرت أواخر العوائل اليهودية في أوساط عام 1990م، ولم يبق فيها أي يهودي. ويعيش في قرقيزيا ألف وخمسمائة يهودي. وعدد الذين هاجروا بعد استقلال الجمهورية يقرب من ألف مهاجر. ولا يوجد فيها إلا معبد واحد أنشئ في سنوات الحرب العالمية الثانية. ولا تسمح حكومة تركمنستان بنشاط أي دين غير الإسلام السني والنصرانية الأورثوذكسية. ويشكل عدد اليهود في كازخستان سبعين ألفًا، ولهم نشاط قوي في هذه الجمهورية. وفي الثالث والعشرين من أكتوبر من العام الجاري أقيم في ألماتا مؤتمر دولي لتوحيد جماعات يهود أوربا وآسيا.
ولم يسلم اتصال المسلمين بالشبكة العنكبوتية من الاضطهاد فإن كل من يستخدم الحاسوب الشخصي أو الناسوخ في مدينة بخارى يجب عليه أن يبلغ عن هذا إلى مكتب الاتصالات الحكومي في المدينة, وهذا التعميم ينشر عبر جميع القنوات في المدينة.
وأما بالنسبة للاجئين، فبناءً على تصريحات الناشط الحقوقي القرغيزي "رمضان ديريلدايف" – رئيس جمعية حقوق الإنسان بقرغيزستان - فإن ما بين 4000 – 5000 لاجئ أوزبكي يعيشون الآن في قرغيزستان، وكلهم جاءوا إليها هربًا من السياسة القمعية التي يمارسها نظام "كريموف"، وما زال الكثير من الأوزبكيين يأتون إلى قرغيزستان يبحثون عن مأوى يختفون فيه.
وأما الناشطة الحقوقية "عزيزة عبدرسولوفا" فتقدر عدد اللاجئين الأوزبك في قرغيزستان حاليًا ما بين 2500 – 3000 لاجئ، وأنه لم يتقدم إلى مكتب الأمم المتحدة بقرغيزستان سوى 40 شخصًا فقط.
لقد نسي العالم أو تناسى قضية اللاجئين الأوزبك الذين هربوا من جحيم الحكومة الأوزبكية بعد مجزرة أنديجان، وذلك بسبب ظن الكثيرين بأن مأساتهم قد حُلت وانتهت بعد أن تم نقل حوالي 450 لاجئًا أوزبكيًّا إلى خارج المنطقة تحت إشراف الأمم المتحدة.
ولكن المأساة الحقيقية للاجئين الأوزبك الذين ما زالوا يتدفقون على قرغيزستان وكزخستان حتى الآن، هربًا من طغيان نظام كريموف الذي جُن جنونه بعد أحداث أنديجان وتنديد العالم لدمويته.
وأخيرًا إن هذه الديار المسمَّاة بـ "أوزبكستان" كانت مسلمةً قبل أن تشتهر بهذه التسمية في العالم بألف سنة. وهي الآن وطن المسلمين وستبقى كذلك إن شاء الله، ولكنَّ هذه الكلمات تتطلب منا - نحن المسلمين - جهودًا ومساعي كثيرة, كي لا تصير أماني مجرَّدة فقط، إذ يعاني أهل الإسلام اليوم في هذه البلاد الإسلامية القديمة – التي عاش أهلها منذ غابر الأزمان على أساس الشريعة المطهرة – اضطهادات عنيفة شديدة من قِبَل الظلَمة، حيث تطأ الحكومة بأقدامها النجسة حقوقَهم الدينية وحرياتهم الإسلامية التي أعطاها الله لهم وتعذِّب في سجونها عشرات الآلاف من إخواننا المسلمين.

إرسال تعليق

ياكريم نيوز | هو مواقع اخباري يهتم بالشان العربي والعالمي ينقل لكم الخبر كما هو
من مواقع اخر فتقع المسئولية الخبار علي المصدر

 
Top