0

قال "تسفي برئيل" محلل الشؤون العربية بصحيفة "هآرتس"، إن الشراكة المصرية مع الصين يمكن أن تضر رجال الأعمال المصريين الذين سيجدون أنفسهم قريبًا في منافسة صعبة مع نظرائهم الصينيين.

وانتقل الكاتب للحديث عما اعتبره النفوذ الجارف للجيش المصري على الاقتصاد، زاعمًا أنه يسيطر بشكل غير رسمي على نحو 87% من أراضي الدولة.

واتهم الإسرائيلي "برئيل" الجيش باستغلال الأراضي التي يحصل عليها في إقامة قرى سياحية ومواقع مدنية بشكل يخالف أمرًا رئاسيًا من عام 1997 يسمح للجيش باستخدام كل أراضي الدولة غير المستصلحة أو التي لا تحوي استثمارات لصالح "الحاجات الأمنية للدولة" فقط.

وزعم أن الجيش يسيطر على نحو 40% من الاقتصاد بواسطة مئات الشركات المدنية التابعة له، والتابعة لأربع جهات عسكرية هي جهاز مشروعات الخدمة الوطنية، والهيئة القومية للإنتاج الحربى والهيئة العربية للتصنيع والهيئة الهندسية للقوات المسلحة.
ودلل على ذلك بمصنع تصنيع المكرونة "كوين" والمياه المعدنية "صافي"، واتهم الجيش المصري بتشغيل الجنود في مزارع الماشية في ظروف "مهينة"، إضافة لبناء الجسور وتمهيد الطرق، عبر العقود التي تمنحها الحكومة للجيش دون غيره.

وإلى نص المقال..
انقضت الزيارة المعلنة التي أجراها الرئيس المصري في الصين الأسبوع الماضي دون ذكر تقريبًا في الإعلام الإسرائيلي. لكن العلاقة المتوطدة بين مصر والصين، يجب أن تثير الاهتمام على خلفية الخلاف الذي لا ينتهي بين مصر والولايات المتحدة الأمريكية.

بينما يواصل الكونجرس الأمريكي الضغط على الرئيس باراك أوباما، بهدف ربط المساعدات لمصر بـ"خطوات على طريق الديمقراطية" على مصر اتخاذها - فإن الصين مستعدة للاستثمار في مصر دون شروط مسبقة. بناء على ذلك يمكن للرئيس عبد الفتاح السيسي الإشارة برضا إلى أن الصين التي ترسخ مكانتها بهدوء لكن بإصرار في الشرق الأوسط طورت علاقاتها الثنائية لمستوى "شراكة استراتيجية شاملة".

هذه الشراكة سوف تشمل بما في ذلك الاستثمار في مشروع قناة السويس، وبناء الوحدات السكنية وتطوير البنية التحتية إلى جانب التزويد بالسلاح المتطور، الذي يسمح - هكذا يتمنى السيسي - بتنويع مصادر السلاح لمصر وتقليل تعلقها بالوﻻيات المتحدة كمصدر تزويد.
يستخدم السيسي مصطلحات "طريق الحرير الاقتصادي" و"طريق الحرير البحري"، والذي يعني تحالفا اقتصاديا يأتي بمستثمرين صينيين للاقتصاد المصري، وزيادة كبيرة في السياح الصينيين وحضور صيني في تطوير البلاد.

ظاهريًا يمكن للشراكة مع الصين أن تعصف تحديدا برجال الأعمال والمستثمرين المصريين الذين سيواجهون خلال السنوات القريبة منافسة حادة من قبل رجال أعمال صينيين، وحيث إن الحكومة المصرية والجيش يسيطران على نصيب الأسد من الاقتصاد المحلي، فمن المشكوك فيه أن يكون للشراكة مع الصين انعكاسات بعيدة المدى على البناء الاقتصادي.

تشير التقديرات إلى أن الجيش يسيطر على نحو 40% من الاقتصاد بواسطة مئات الشركات المدنية التابعة له، والتابعة لأربع جهات عسكرية هي جهاز مشروعات الخدمة الوطنية، والهيئة القومية للإنتاج الحربى والهيئة العربية للتصنيع والهيئة الهندسية للقوات المسلحة.

تعمل هذه الشركات في عدد من النشاطات - من تصنيع المكرونة والمياه المعدنية وصولاً لبناء الجسور وتمهيد الطرق، فعلى سبيل المثال، منحت الحكومة الجيش عقودًا لتمهيد نحو 3000 كم من الطرق، وبناء 150 ألف وحدة سكنية لمحدودي الدخل، وإقامة محطات تحلية مياه بسيناء وإقامة بنى تحتية على نحو 40 ألف دونم من الأراضي وبناء مستشفيات.

قانون تشجيع الاستثمار، الذي يقضي بأنه يحظر على عنصر ثالث الاستئناف على المناقصات التي تمنحها الحكومة، يهدف على ما يبدو للتسهيل على المستثمرين الأجانب في تخطي العوائق القضائية، وحيث إن الجيش هو المستفيد الرئيس من مناقصات الحكومة، فإنه من الواضح أن القانون يهدف في الأساس خدمته.

علاوة على ذلك يسمح أمر رئاسي من عام 1997 للجيش باستخدام كل أراضي الدولة غير المستصلحة أو التي لا تحوي استثمارات لصالح "الحاجات الأمنية للدولة"، هكذا تحول الجيش للمالك غير الرسمي لنحو 87% من أراضي الدولة، بالمناسبة أقام الجيش على جزء من هذه الأرض قرى سياحية أو مواقع مدنية لا تربطها أي علاقة بأمن الدولة، كذلك فإن الجيش معفى من دفع الضرائب على إيراداته حتى إن كان يحصل عليها من مشاريع مدنية، وكذلك من دفع جمارك على واردات مستلزماته - دون التفريق بين استيراده حاجات أمنية أو واردات مدنية.

بكلمات بسيطة أوضح نجيب ساويرس رجل الأعمال ذو النشاطات الواسعة والأموال الوفيرة الميزة الاقتصادية للجيش على سائر المستثمرين الآخرين، قائلاً: ”لما بينزل مش مهم التصاريح، ولا بيدفع رشوة، وبيقدر يتخطى المشاكل اللي إحنا عايزين نتخطاها كلنا".

النشاطات الاقتصادية للجيش لا تخضع لرقابة البرلمان، الذي يحدد ميزانية الدفاع دون مناقشة أو نقد، فلا أحد يعرف مثلاً كم الأرباح التي يجنيها الجيش من بيع المكرونة التي ينتجها مصنع كوين أو المياه المعدنية لمصنع صافي التي تباع في السوق الحر.


في الكانتينات داخل قواعد الجيش يبيعون فقط المنتجات التي تم تصنيعها بمصانع الجيش، في مزارع الماشية التابعة للجيش يعمل جنود بسطاء، لا يحصلون أحيانا على أجر، ويعيشون في ظروف مهينة. تشغيل الجنود في مشاريع بناء مدنية يتم تبريره من قبل عناصر عسكرية بأن هؤلاء الشبان يحظون بتدريب مهني عال في مؤسسات التدريب التابعة للجيش، وينهون خدمتهم العسكرية وقد حصلوا على خبرة تمكنهم من الحصول على عمل جيد في السوق المدنية.

أوضح السيسي أيضًا أن إسناد مشاريع وطنية - كبناء مساكن أو تمهيد طرق – للجيش، ينبع من ضرورة تنفيذها بسرعة وفاعلية، بينما يتعذر على الشركات الخاصة أو الحكومية الالتزام بالموعد المحدد أو بإطار الميزانية المخصصة للمشروعات، من الصعب التدقيق في هذه المزاعم، لأنه من المحظور في مصر الحديث عن نشاطات الشركات العسكرية أو عن الفساد الموجود داخلها.

السيطرة العسكرية على الاقتصاد أفشلت إلى حد بعيد برامج الخصخصة التي بدأت في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك، حيث تخوفت قيادة الجيش من فقدان السيطرة على الشركات المدنية التابعة للجيش والإضرار بعوائده الثانوية الضخمة، السيسي الذي يعرف جيدًا مخاوف الجيش لا ينوي زعزعة الأسس الاقتصادية العسكرية، العكس هو الصحيح، فالجيش يتعزز خلال الفترة الأخيرة كذراع اقتصادية - ومن هنا فإن الشراكة الاستراتيجية مع الصين سوف تضطر تجاوز اختبار الجيش.


إرسال تعليق

ياكريم نيوز | هو مواقع اخباري يهتم بالشان العربي والعالمي ينقل لكم الخبر كما هو
من مواقع اخر فتقع المسئولية الخبار علي المصدر

 
Top